منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٤٣٢
بأن المراد من الاله هو واجب الوجود [1]
[1] هذا الجواب وان كان مثبتا للتوحيد، لدلالته على انحصار واجب الوجود في الله تبارك وتعالى، لكنه لم يثبت استعمال الاله وضعا و لا مجازا في ذلك، فان (اله يأله) من باب (منعيمنع) أو من باب (تعب يتعب) بمعنى عبد عبادة، و (تأله) تعبد، والاله المعبود، وهو الله تعالى، كما في مجمع البحرين، ولم نظفر باستعمال الاله في واجب الوجود. فجعله بهذا المعنى مما لا يساعده اللغة، ولا العرف، فلا يصار إليه، هذا.
مضافا إلى عدم معرفة هؤلاء الجهال الذين تكلموا بكلمة الاخلاص بمعنى واجب الوجود.
الا أن يقال: بكفاية المعرفة الاجمالية بمعنى واجب الوجود ولو بأن يعتقدوا بأنه لا بد أن يكون للمعبود مزية يمتاز بها عن العابد.
بل يمكن أن يقال: بعدم موجب لجعل الاله بمعنى واجب الوجود ولو فرض صحة استعماله فيه، وذلك لان هذه الكلمة وردت في مقام الرد على المشركين، ونفي ما اعتقدوه من استحقاق العبادة للصنم، من دون اعتقادهم بكونه واجب الوجود حتى تكون كلمة التوحيد ردا عليهم بانحصار واجب الوجود فيه سبحانه وتعالى. بل المقام يقتضي الرد عليهم بأن المستحق للعبادة هو الله تعالى فقط.
فالمتحصل: أن جعل الاله بمعنى واجب الوجود مع عدم معهودية ذلك في المحاورات مما لا داعي إليه. وعدم اقتضاء كلمة الاخلاص نفي إمكان ما سواه تعالى غير قادح في مقابل اعتقاد المشركين، إذ المفروض كفاية الاعتقاد بانحصار المعبود بالحق فيه سبحانه وتعالى في صدر الاسلام في إسلام القائل بكلمة (لا إله إلا الله) كما صرح به جماعة على ما في التقريرات.