طرفا للاستثناء. والثاني: بعيد عن طريقة المحاورة العرفية، لاستلزامه ان يلحظ كل واحد من العمومات بلحاظين، أحدهما استقلالي في مقام تعلق الحكم به، والاخر ضمني في مقام الاستثناء، وهو لو لم يكن محالا عقلا فلا أقل من انه تكلف لا دليل عليه.
وتحقيق الحال ان يقال: ان بعض الحروف لا يتكفل في بعض موارد استعماله بيان الربط بين مدخوله والمفهوم السابق عليه في الكلام، نظير ما يقال في مثل: " زيد في الدار " من أن طرف الربط ليس زيدا، بل هو مقدر مثل: كائن أو مستقر.
وقد يتكفل في بعض استعمالاته الربط بين المفهوم اللاحق والسابق في الكلام مثل: " زيد في الدار جاءني " فان: " في " رابطة بين زيد والدار في هذا المثال دون المثال الأول. وعليه فنقول: ان أداة الاستثناء تارة نقول: انها متكفلة لبيان الربط بين المستثنى والمستثنى منه. وأخرى نقول: انها لا تكون متكفلة لربط المستثنى منه، بل تتكفل بيان ربط المستثنى مع المستثنى - بالياء -، نظير الفعل الدال على الاخراج كقوله: " اخرج ". فعلى الأول يتوجه المحذور بالبيان السابق، وعلى الثاني لا يتوجه الاشكال، إذ لا تعدد لطرف الربط كما لا يخفى.
والذي نبني عليه هو الوجه الثاني، لبداهة صحة الاستثناء من الجميع من دون توقف، فإنه يكشف عن أن وضعها ومفادها يتلاءم مع ذلك، وليس ذلك الا الوجه الثاني.
وإذا انتفى المحذور الثبوتي في رجوع الاستثناء إلى الجميع، يقع الكلام في مرحلة الاثبات. ولا كلام في معنى: " الا " والخاص، انما الكلام وما عليه تشخيص الظهور هو معرفة المراد بالضمير وتعيين مرجعه، فما هو المقصود من الضمير في قوله " الا الفساق منهم "؟ هل الجميع أو العام الأخير أو هو مجمل؟.
فنقول: ان الضمير يؤتى به للإشارة إلى معنى متعين، ولا يصح إرادة المعنى منه