فيكون الامر بالشئ ردعا عن نقيضه، أضف إلى ذلك أنه لو سلم ان حقيقة النهى عبارة عن طلب الترك كما هو المنسوب إلى المشهور، فلا يرجع هذا البحث إلى البحث عن امر معقول ذي اثر وذلك لان معنى اقتضائه للنهي عن الضد، اقتضائه لطلب ترك الترك الذي هو الوجود والفعل، لما حقق في محله، من أن الوجود والعدم نقيضان لا واسطة بينهما، والعناوين الاخر، كعدم العدم من العناوين الانتزاعية من أحدهما، وعليه: فمآل هذا البحث إلى أن الامر بالشئ، هل يقتضى طلب ذلك الشئ أم لا؟ وهذا لا يرجع إلى محصل لان ثبوت الشئ لنفسه ضروري.
واما الثاني: وهو ان الامر بالشئ متضمن للنهي عن ضده، فقد استدل له بما اشتهر من أن الوجوب هو طلب الفعل مع المنع من الترك.
ولكن قد تقدم في مبحث الأوامر انه لا أصل له وان الوجوب بسيط غير مركب، و حاصله ان الوجوب اما ان يكون هو الشوق الأكيد أو يكون منتزعا عن اعتبار كون المادة على عهدة المكلف، وعلى الأول فهو من الاعراض وهي بسائط، وعلى الثاني يكون هو من سنخ الوجود وبساطته أظهر من أن تذكر.
واما ما اشتهر من أن الوجوب هو طلب الفعل مع المنع من الترك فالظاهر كما افاده المحقق الخراساني (ره) انهم في مقام تحديد تلك المرتبة البسيطة من الطلب وتعينها، فالمنع من الترك ليس من اجزاء الوجوب ومقوماته، بل من خواصه ولوازمه، بمعنى انه لو التفت إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة وكان يبغضه البتة.
واما القول الثالث: وهو دلالة الامر على النهى عن ضده بالالتزام، بمعنى ثبوت الملازمة بين الامر بالشئ والنهى عن ضده فدعواه وان كانت معقولة، وقد اختاره المحقق النائيني (ره) ولكنها غير صحيحة: وذلك لان النهى يكون ناشئا عن المفسدة، والامر عن المصلحة فالامر بالشئ يكشف عن المصلحة فيه، وهذا لا يلازم ثبوت المفسدة في تركه كي يكون ذلك مقتضيا للنهي عنه، بل لا يكون الترك الا ترك ما فيه المصلحة، وان أردت ان تطمئن نفسك فراجع الأوامر العرفية حيث ترى بالوجدان ان الامر بالشئ لا يلازم المفسدة في تركه، فالالتزام باقتضاء الامر بالشئ للنهي عن