بها على الفرد - وبعبارة أخرى - بايجاد المأمور به متخصصا بخصوصية خاصة التي فيها مفسدة غير ملزمة، واما لو تعلق النهى التنزيهي بعبادة فبما ان الاحكام متضادة فلا محالة لا امر بها. ويكون ملاكه مغلوبا أو معدوما، فلا وجه حينئذ لتصحيح العبادة حينئذ لا أمرا ولا ملاكا.
فالمتحصل جريان النزاع في النهى التنزيهي أيضا.
المورد الثاني: في أنه هل النهى الغيري كالنهي النفسي، يجرى فيه النزاع أم لا؟
ملخص القول فيه ان النهى الغيري على قسمين، الأول: ما كان مسوقا لبيان مانعية المنهى عنه عن العبادة واعتبار قيد عدمي في المأمور به. الثاني: ما كان نهيا تبعيا ناشئا من توقف واجب فعلى على ترك عبادة.
اما القسم الأول: فلا ريب في دلالته على الفساد، فإنه إذا اعتبر في المأمور به قيد عدمي ولم يقترن المأمور به بذلك القيد، لا محالة لا يكون واجدا لجميع ما اعتبر فيه فلا ينطبق على الماتى به المأمور به بحده، وليس معنى الفساد الا ذلك.
واما القسم الثاني: وهو كالنهي عن الصلاة التي تتوقف على تركها، إزالة النجاسة عن المسجد بناءا على ثبوت الملازمة بين الامر بشئ والنهى عن ضده، فقد ذهب المحقق النائيني خلافا للمحقق الثاني والخراساني، إلى عدم دلالته على الفساد.
واستدل له: بان غاية ما يترتب على النهى الغيري، انما هو عدم الامر بالفعل، ولا دلالة له بوجه على عدم الملاك، لعدم كونه ناشئا عن مفسدة ومبغوضية، وانما هو ناش عن كون تركه مقدمة لواجب أهم، وحيث انه يكفي في صحة العبادة اشتمالها على الملاك وان لم يتعلق بها امر. وقد تقدم الكلام في الكاشف عن الملاك والفرض ان النهى لا يضر بالملاك فيصح الاتيان بالعبادة.
ويرد عليه مع قطع النظر عن ما ذكرناه من عدم الكاشف عن الملاك: ان الملاك الذي يسبب الشارع الأقدس إلى تفويته وعدم ايجاده لا يصلح للمقربية وصيرورة العمل عبادة ومقربا إلى الله تعالى وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في مبحث الضد.