أحدهما: أنه استفهام في معنى التعجب، وهذا التعجب للمؤمنين، أي: اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون، وقد ثبتت حجة الله عليهم، قاله ابن قتيبة والزجاج.
والثاني: أنه استفهام خارج مخرج التقرير والتوبيخ، تقديره: ويحكم كيف تكفرون بالله؟! قال العجاج:
أطربا وأنت قنسري أراد: أتطرب وأنت شيخ كبير؟!، قاله ابن الأنباري.
قوله [تعالى]: (وكنتم أمواتا).
قال الفراء: أي: وقد كنتم أمواتا. ومثله (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) أي: قد حصرت. ومثله (إن كان قميصه قد من دبر فكذبت): فقد كذبت، ولولا إضمار " قد " لم يجز مثله في الكلام.
وفي الحياتين، والموتتين أقول: أصحها: أن الموتة الأولى، كونهم نطفا وعلقا ومضغا، فأحياهم في الأرحام، ثم يميتهم بعد خروجهم إلى الدنيا، ثم يحييهم للبعث يوم القيامة، وهذا قول ابن عباس وقتادة ومقاتل والفراء وثعلب، والزجاج، وابن قتيبة، وابن الأنباري.
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم (29) قوله [تعالى]: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) أي: لأجلكم، فبعضه للانتفاع، وبعضه للاتباع.
(ثم استوى إلى السماء)، أي: عمد إلى خلقها، والسماء: لفظها لفظ الواحد، ومعناها، معنى الجمع، بدليل قوله: (فسواهن).
وأيها أسبق في الخلق: الأرض، أم السماء؟ فيه قولان:
أحدهما: الأرض، قاله مجاهد.
والثاني: السماء، قاله مقاتل.
واختلفوا في كيفية تكميل خلق الأرض وما فيها، فقال ابن عباس: بدأ بخلق الأرض في يومين، ثم خلق السماوات في يومين [ثم دحا الأرض وبينها الجبال]، وقدر فيها أقواتها في يومين وقال الحسن ومجاهد: جمع خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام متوالية، ثم خلق السماء في يومين.