مخير في مجالسة أي الفريقين شئت، فكأنه خيرنا بين أن نضرب لهم المثل الأول أو الثاني. والثاني: أنه داخل للابهام فيما قد علم الله تحصيله، فأبهم عليهم ما لا يطلبون تفصيله، فكأنه قال: مثلهم كأحد هذين، ومثله قوله تعالى: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة) والعرب تبهم ما لا فائدة في تفصيله. قال لبيد:
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما * وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر أي: هل أنا إلا من أحد هذين الفريقين، وقد فنيا، فسبيلي أن أفنى كما فنيا.
والثالث: أنه بمعنى: بل. وأنشد الفراء:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى * وصورتها أو أنت في العين أملح والرابع: أنه للتفصيل، ومعناه: بعضهم يشبه بالذي استوقد نارا، وبعضهم بأصحاب الصيب. ومثله قوله تعالى: (كونوا هودا أو نصارى) معناه: قال بعضهم، وهو اليهود: كونوا هودا، وقال النصارى: كونوا نصارى. وكذلك قوله: (فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) جاء بعضهم بأسنا وقت القائلة.
والخامس: أنه بمعنى الواو. ومثله قوله تعالى: (أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم) قال جرير:
نال الخلافة أو كانت له قدرا * كما أتى ربه موسى على قدر السادس: أنه للشك في حق المخاطبين، إذ الشك مرتفع عن الحق عز وجل، ومثله قوله تعالى: (وهو أهون عليه) يريد: الإعادة أهون من الابتداء فيما تظنون.
فأما التفسير فمعنى الكلام: أو كأصحاب صيب، فأضمر الأصحاب، لأن في قوله (يجعلون أصابعهم في آذانهم)، دليلا عليه. والصيب: المطر. قال ابن قتيبة: هو فيعل [من صاب يصوب: إذا نزل من السماء، وقال الزجاج: كل نازل من علو إلى استفال، فق] صاب يصوب، قال الشاعر:
كأنهم صابت عليهم سحابة * صواعقها لطيرهن دبيب وفي الرعد ثلاثة أقوال: