فهذا على بشر يبشر: إذا فرح. وأصل هذا كله أن بشرة الإنسان تنبسط عند السرور، ومنه قولهم: يلقاني ببشر، أي: بوجه منبسط، وفي معنى تسميته " يحيى " خمسة أقوال:
أحدها: لأن الله تعالى أحيا به عقر أمه. قاله ابن عباس.
والثاني: لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان. قاله قتادة.
والثالث: لأنه أحياه بين شيخ وعجوز، قاله مقاتل.
والرابع: لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها، قاله الزجاج.
والخامس: لأن الله أحياه بالطاعة، فلم يعص، ولم يهم، قاله الحسن بن الفضل. وفي " الكلمة " قولان:
أحدهما: أنها عيسى، وسمي كلمة، لأنه بالكلمة كان، وهي " كن " وهذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة والسدي، ومقاتل، وقيل: إن يحيى كان أكبر من عيسى بستة أشهر، وقتل يحيى قبل رفع عيسى.
والثاني: أن الكلمة كتاب الله وآياته، وهو قول أبي عبيدة في آخرين. ووجهه أن العرب تقول:
أنشدني فلان كلمة، أي: قصيدة. وفي معنى السيد ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الكريم على ربه، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنه الحليم التقي، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال الضحاك.
والثالث: أنه الحكيم قاله الحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء وأبو الشعثاء، والربيع، ومقاتل.
والرابع: أنه الفقيه العالم، قاله سعيد بن المسيب.
والخامس: أنه التقي، رواه سالم عن ابن جبير.
والسادس: أنه الحسن الخلق، رواه أبو روق عن الضحاك.
والسابع: أنه الشريف، قاله ابن زيد.
والثامن: أنه الذي يفوق قومه في الخير، قاله الزجاج. وقال ابن الأنباري: السيد هاهنا الرئيس، والإمام في الخير. فأما " الحصور " فقال ابن قتيبة: هو الذي لا يأتي النساء، وهو فعول بمعنى مفعول، كأنه محصور عنهن، أي: محبوس عنهن. وأصل الحصر: الحبس. ومما جاء على " فعول " بمعنى " مفعول ": ركوب بمعنى مركوب، وحلوب بمعنى محلوب، وهيوب بمعنى مهيب واختلف المفسرين لماذا كان لا يأتي النساء؟ على أربعة أقوال:
أحدها: أنه لم يكن له ما يأتي به النساء، فروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا " قال: ثم دلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يده إلى الأرض، فأخذ عودا صغيرا، ثم قال: " وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا مثل هذا العود،