آخرين: إذا رضيت بما يرضى به غيرها، فهي أحق به، وقرأ أبو جعفر " لا تضار ".
قوله [تعالى]: (وعلى الوارث) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه وارث المولود، وهو قول عطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وابن أبي ليلى، وقتادة، والسدي، والحسن بن صالح، ومقاتل في آخرين. واختلف أرباب هذا القول، فقال بعضهم: هو وارث المولود من عصبته، كائنا من كان، وهذا مروي عن عمر، وعطاء، والحسن، ومجاهد، وإبراهيم، وسفيان. وقال بعضهم: هو وارث المولود على الإطلاق من الرجال والنساء، روي عن ابن أبي ليلى، وقتادة والحسن بن صالح، وإسحاق، وأحمد بن حنبل. وقال آخرون: هو من كان ذا رحم محرم من ورثة المولود، روي عن أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد.
والقول الثاني: أن المراد بالوارث هاهنا، وارث الوالد، روي عن الحسن والسدي.
والثالث: أن المراد بالوارث الباقي من والدي الولد بعد وفاة الآخر، روي عن سفيان.
والرابع: أنه أريد بالوارث الصبي نفسه، فالنفقة عليه، فإن لم يملك شيئا، فعلي عصبته. قاله الضحاك، وقبيصة بن ذؤيب. قال شيخنا علي بن عبيد الله: وهذا القول لا ينافي قول من قال:
المراد بالوارث وارث الصبي، لأن النفقة تجب للموروث على الوارث إذا ثبت إعسار المنفق عليه.
وفي قوله تعالى: (مثل ذلك) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الإشارة إلى أجرة الرضاع والنفقة، روي عن عمر، وزيد بن ثابت، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وإبراهيم، وقتادة، وقبيصة بن ذؤيب، والسدي. واختاره ابن قتيبة.
والثاني: أن الإشارة بذلك إلى النهي عن الضرار، روي عن ابن عباس، والشعبي، والزهري. واختاره الزجاج.
والثالث: أنه إشارة إلى جميع ذلك، روي عن سعيد بن جبير، ومجاهد، ومقاتل، وأبي سليمان الدمشقي، واختاره القاضي أبو يعلى. ويشهد لهذا أنه معطوف على ما قبله، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة، وأن لا يضار، فيجب أن يكون قوله: (مثل ذلك) مشيرا إلى جميع ما على المولود له.
قوله [تعالى]: (فإن أرادا فصالا) الفصال: الفطام. قال ابن قتيبة: يقال: فصلت الصبي من أمه: إذا فطمته. ومنه قيل للحوار إذا قطع عن الرضاع: فصيل، لأنه فصل عن أمه، وأصل الفصل: التفريق. قال مجاهد: التشاور فيما دون الحولين إن أرادت أن تفطم وأبى، فليس لها، وإن أراد هو، ولم ترد، فليس له ذلك حتى يقع ذلك عن تراض منهما وتشاور، يقول: غير مسيئين إلى أنفسهما وإلى صبيهما.