وآخر. قال ابن عباس: التعريض أن يقول: إني أريد أن أتزوج وقال مجاهد: أن يقول: إنك لجميلة، وإنك لحسنة، وإنك لإلى خير.
قوله [تعالى]: (أو أكننتم في أنفسكم) قال الفراء: فيه لغتان: كننت الشئ، وأكننته وقال ثعلب: أكننت الشئ: إذا أخفيته في نفسك، وكننته: إذا سترته بشئ. وقال ابن قتيبة: أكننت الشئ: إذا سترته، ومنه هذه الآية، وكننته: إذا صنته، ومنه قوله [تعالى]: (كأنهن بيض مكنون) قال بعضهم: يجعل كننته، وأكننته، بمعنى.
قوله [تعالى]: (علم الله أنكم ستذكرونهن) قال مجاهد: ذكره إياها في نفسه.
قوله [تعالى]: (ولكن لا تواعدوهن سرا) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أن المراد بالسر هاهنا: النكاح، قاله ابن عباس. وأنشد بيت امرئ القيس:
ألا زعمت بشباشة اليوم أنني * كبرت وأن لا يشهد السر أمثالي وفي رواية: يشهد اللهو. قال الفراء: ونرى أنه مما كنى الله عنه، كقوله [تعالى]: (أو جاء أحد منكم من الغائط). وذكر الزجاج عن أبي عبيدة أن السر: الإفضاء بالنكاح وأنشد:
ويحرم سر جارتهم عليهم * ويأكل جارهم أنف القصاع قال ابن قتيبة: استعير السر للنكاح، لأن النكاح يكون سرا، فالمعنى: لا تواعدوهن بالتزويج، تصريحا (إلا أن تقولوا قولا معروفا) لا تذكرون فيه رفثا ولا نكاحا.
والثاني: أن المواعدة سرا: أن يقول لها: إني لك محب، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أن المراد بالسر الزنى. قاله الحسن، وجابر بن زيد، وأبو مجلز، وإبراهيم، وقتادة، والضحاك.
والرابع: أن المعنى: لا تنكحوهن في عدتهن سرا، فإذا حلت أظهرتم ذلك، قاله ابن زيد.
وفي القول المعروف قولان:
أحدهما: أنه التعريض لها، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والقاسم بن محمد، والشعبي، ومجاهد، وإبراهيم، وقتادة، والسدي.
والثاني: أنه إعلام وليها برغبته فيها، وهو قول عبيدة.
قوله [تعالى]: (ولا تعزموا عقدة النكاح) قال الزجاج: معناه: لا تعزموا على عقدة