فإليك أيها الإنسان المنصف بالفطرة والبعيد عن اللجاج بالطبع، وإليك أيها الإنسان العاقل بالخلقة والمتجنب عن الحوسات بالمثل الاكتسابية المتحققة في وجودك وعليك أيتها العائلة البشرية بعد ذاك وذلك بالتأمل حق التأمل والتدبر حقه في هذا الكتاب من هذه الناحية، وأنه كيف يمكن لبشر في تلك الأزمنة القصيرة المبتلى بتلك المزاحمات الوجودية والمضادات الخارجية والمعاندات المضبوطة في التأريخ، أن يأتي بمثل هذا الحديث ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا؟!
لست أقول: إن سائر الأنظمة البشرية لا تحتوي على المصالح الفردية والاجتماعية حتى تقول: إن كثيرا من الممالك الراقية يعيشون أحسن المعيشة في الأقطار الإسلامية، مع أنهم بأنفسهم تكفلوا وضع القوانين وجعل المواد والأحكام.
بل أنا أقول: إن الإسلام يتمكن من المحافظة على سعادات البشر الفردية والاجتماعية، وإن الإسلام يحتوي على النظام الخاص ابتكارا وابتداعا، وكان سلاطين الإسلام يحكمون بها طيلة الأعوام والقرون ويكون حاويا لقوانين خاصة باقية باختلاف الأزمان والدهور، ويتمكن من المحافظة على النظام اللازم في المنزل والبلد والمملكة أبدا، وهل هذا يمكن أن يترشح من مخ إنسان كسائر الأناسي، ومن فكر بشر كسائر الأفراد، أم كل ذلك يكشف عن حقيقة وراء هذه المسائل، هي المدبرة الناظمة، وهي القوة الغالبة الملاحظة لجميع الأعوام والملل في جميع الأعصار والأمصار؟
وهذا من عجيب الأمر أنه ظهر في الحجاز البر الفاقد لجميع نشأت