الاشتباهات والغفلات ناشئة عن أمر واحد، وهو أن الإنسان يغتر بما عنده، ولا يقف على أن يعرف نفسه، ويذعن بما عنده من الاختلاف الكثير الموجود بينه وبين أقرانه وبني نوعه وأمثاله، بعد اشتراك الكل في القطرة والمادة والقابلية والهيولي الأولى.
فذلكة الكلام وخلاصة الرأي في المقام: أن هناك شبهة: وهي أن القول بأن تحصيل الشرائط المختلفة التكوينية الدخيلة في الإتيان بمثل القرآن، لا يمكن إلا لنبي الإسلام والرسول الأعظم الإلهي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليس إلا مجرد دعوى، فلابد من انضمام البينة والبرهان إليها، وهو إقامة البرهان الإني على أن القرآن أمر يحتاج في تأليفه وإحداثه إلى تلك الشرائط، فلابد من الأخذ بطريقة القوم، وهي بيان كون الكتاب الموجود بين يدي الإنسان خارق العادة، وخارجا عن القدرة العادية، حتى ينتقل الفكر بعد ذلك إلى التدبر في الأسباب والشرائط الطبيعية والتكوينية، المنتهية إلى هذا السفر القيم والكتاب المبين، ولأجل ذلك فلابد من إفادة هذا الأمر وإقامة الوجوه الناهضة على إعجاز القرآن وكونه معجزة ثم على أنها معجزة خالدة.