وقد فصلنا تحقيقه في كتابنا " القواعد الحكمية ".
وإجماله: أن من شرائط نزول أمثال الكتب السماوية تعين الإنسان بالشؤون الإلهية، وتحققه في سفراته الثلاثة بالوجود الحقاني، الفاني فيه جميع التعينات البشرية، والخالع نعال الحكمة العملية والعلمية وجلباب البشرية، والواصل إلى مبدأ القوس النزولي، فيصير على هذا جميع حركاته وسكناته ربانية وإلهية، ويكون مصداقا للحديث المشهور: " لا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به... " (1) إلى آخره، فإذا كان كذلك فأفعاله فعله، وأفكاره وعلومه علمه، وقدرته قدرته، فلا يأتي بشئ إلا هو أقوى نسبة إلى الله تعالى منه، وعندئذ يكون كلامه كلام الله، وكتابه كتاب الله تعالى، خاليا عن جميع الأوهام والشوائب، فارغا عن كلية المناقضات والأضداد * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (2) وربما يشعر قوله تعالى:
* (عند غير الله) * بهذه المقالة، فإن الكتاب من الله ولله، غير كون الكتاب من عند الله.
وبالجملة: لا تحتاج المسألة إلى الأدلة اللفظية والاستظهارات اللغوية، لأن الحقائق الحكمية والرقائق العرفانية والشقائق الإيمانية، من الإطلاقات العرفية والاستعمالات البدوية، والله يعصمنا من الخطاء والزلل.