في الفيض الإلهي والرحمة الرحيمية والرحمانية.
ولا يأتي بعد ذلك كتاب مثل هذا الكتاب من نبي مثله، من غير أن ينسد بابه بالسدود الخاصة الإلهية، بل الانسداد منتسب إلى الفتور المشاهد في الآباء والأبناء والأمهات والأشخاص، ضرورة أن تحصيل القابلية التامة العامة ممكن لظهور الصورة الإلهية الكلية في هذه النشأة مرارا، ولكن لا يشدون نطاقهم ولا يهتمون بأمرهم ولا يعتنون بذلك، لانحراف طريقهم عن المستقيم وصراط الله العزيز الحميد، ولاحتجاب فطرتهم المخمورة بالحجب الظلمانية والشهوات الحيوانية واللذائذ النفسانية.
وإلى هذه الطريقة العقلية واللطيفة العرفانية، يشير أحيانا قوله تعالى:
* (لا يأتون بمثله) * (1)، من غير أن يستندهم إلى العجز وعدم الإمكان والامتناع، ولا يستند إلى منع الفواعل الإلهية عن ذلك، بل الأمر مستند إلى عدم اهتمامهم على الوجه الصحيح، وعدم قيامهم لذلك بالطريقة الصحيحة فيخبر وينبئ عن أنهم * (لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) *، لأن لكل شئ سببا وعلة تخص به، وتكون بينه وبين علته سنخية خاصة، ومجرد اجتماع الناس لا يكفي، فلو كان بعضهم لبعض ظهيرا في إنزال المطر لا يأتون به، لأن سبب هذا الأمر ليس ما توهموه، بل السبب والعلة ما عرفت، من تحصيل المادة الصافية الخالصة المطهرة القابلة الكاملة فيها، فإنه عندها ينزل من السماء الإلهية كتاب ربما يكون أحسن مما في أيدينا أضعافا مضاعفة، لعدم تحدد الفصاحة