بأشباه القرآن وأمثال الكتاب، فتكون هذه الآية مثلها، غير راجع إلى محصل، فإن القرآن يتشبث لهداية الناس وتركيز الحق في نفوسهم بكل ما يمكن أن يهديهم إليه ويسوقهم إلى الله تعالى، فربما لا يكون القرآن إعجازا بالقياس إلى طائفة إلا لأجل هذه الجهة الأخيرة، وربما يكون إعجازا لأجل الجهة الأولى، وثالثة لمجموع الأمرين، ورابعة لأمر آخر يحرر في محله.
ومن هنا يظهر: أن الخلاف في مرجع الضمير من قوله تعالى: * (من مثله) * ليس خلافا في المسألة النحوية أيضا، لجواز رجوعه إلى الموصول وإلى العبد، وإنما الخلاف في مقتضى البلاغة والفصاحة، وقد ذهب الأكثرون إلى رجوعه إلى الموصول، وبعضهم إلى العبد، وجواز رجوعه إليهما معا ولو كان ممكنا، إلا أنه غير مراد هنا قطعا، وسيظهر تحقيقه في الأمر الآتي إن شاء الله تعالى.
وغير خفي: أن مفهوم المثل على كل تقدير واحد، وإنما الخلاف في مصداقه، فعلى الأول يكون مصداقه القرآن، وعلى الثاني مماثل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما توهم: أن العائد إلى الموصول يلزم أن يكون محذوفا، ففي غير محله، لأن عائده مفعول * (نزلنا) *، وهو محذوف، لأنه معلوم، فيجوز حذفه.
ثم إن احتمال كون " من " بمعنى الاستبدال، نحو * (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) * (1)، أو بمعنى التجاوز، أو تكون صلة لقوله تعالى: