ومنها: أن المقايسة بين هذه الآية وسائر الآيات المتحدي بها تقضي بالعود إلى الأول.
وأنت قد أحطت خبرا بأن المقايسة تقتضي العكس (1).
ومنها: اقتضاء ذلك كونهم عاجزين عن الإتيان، سواء اجتمعوا أو انفردوا، وسواء كانوا أميين أم كانوا غير أميين، ولو عاد إلى المنزل عليه يلزم منه توهم إمكان ذلك من غير الأمي (2).
وفيه: أن القرآن - كما يأتي - معجز من جهات شتى، والتحدي من جهات شتى أوفق، لأنه يثبت بذلك عجزهم العميق وسقوطهم الواضح، حتى لا يتمكنوا من التخيلات الواهية والأوهام الباطلة.
وربما يتوهم: أن وجه رجوع الضمير إلى العبد أن مثل العبد موجود، بخلاف مثل القرآن، فلو رجع إلى الموصول يلزم وجود المثل، وعجزهم عن إيجاده والإتيان به دون غيره، فإنه يستلزم إمكان وجود المثل، بل تحقق المثل، ولكن العرب الفصحاء البلغاء عاجزون عنه (3).
وفيه: مضافا إلى أنه قضية ناقصة فرضية لا تحكي عن الوجود الخارجي، لا بأس بالالتزام بوجود المثل عند الله تعالى، وإثبات عجزهم مع الإقرار بذلك الوجود، فإنه أثبت لعجزهم وأولى وأظهر، لعدم تمكنهم من الإتيان به، كما لا يخفى.