ومنها التعجيز (1)، وأما هذه الآية فهي من المثال الواضح عند الكل، ولكنك عرفت بطلانه، فإن الأمر هنا ليس لإفادة العجز، بعد كون الآية بصدد الإرشاد والهداية، فإن من لوازم إفادة التعجيز هو التحقير بل فيه نوع تهكم واستهزاء، كما في مثل قوله تعالى: * (فأت بها من المغرب) * (2).
وقد عرفت أن هاتين الآيتين - من البدء إلى الختم - مشحونتان بالأدب والإرفاق وجلب المشركين بالمداراة، وترتب عجزهم وتوجههم إلى العجز وعدم اقتدارهم على الإتيان بمثله لا يستلزم كون الداعي ذلك.
فبالجملة: الخصوصيات الملحوظة فيها تنافي كونها للتعجيز، فلا تخلط.
كما أن هيئة الأمر من قوله تعالى: * (فاتقوا النار) * ليست تكليفا، بل هو بداعي التنبيه والتوجيه، ضرورة أن ذلك لو كان تكليفا مستتبعا للنار، يلزم منه التكاليف الغير المتناهية المستتبعة لاستحقاقهم العقوبات الغير المتناهية، فتأمل.
ثم إن قوله تعالى: * (إن لم تفعلوا ولن تفعلوا) * وارد في مورد الإخبار عن عدم فعلهم الأعم من العجز ومن القدرة، بل ظاهر في أنهم لا يفعلون بالاختيار والاقتدار، وهذا ينافي كون الآية في مقام تعجيزهم كما ترى، ويدل على أن في هاتين الآيتين روعي جانب التوجيه الديني والإرشاد الفارغ عن كل عصبية وتشدد.
وتوهم: أن النفي الأبدي كناية عن تعجيزهم، في غير محله، لما