الحال (نخشى أن تصيبنا دائرة) أي: دولة تدور لأعداء المسلمين على المسلمين، فنحتاج إلى نصرتهم، عن مجاهد، والسدي، وقتادة. وقيل: معناه نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه، يعنون الجدب، فلا يميروننا، عن الكلبي.
(فعسى الله أن يأتي بالفتح) يعني: فتح مكة، عن السدي. وقيل: بفتح بلاد المشركين، عن الجبائي. وقيل: المراد بالقضاء الفصل، عن قتادة. ويجمع هذه الأقوال قول ابن عباس: يريد بفتح الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، على جميع خلقه (أو أمر من عنده) فيه إعزاز للمؤمنين، وإذلال للمشركين، وظهور الاسلام، عن السدي. وقيل: هو إظهار نفاق المنافقين مع الامر بقتالهم، عن الحسن، والزجاج.
وقيل: هو أمر دون الفتح الأعظم، أو موت هذا المنافق، عن الجبائي. وقيل: هو القتل وسبي الذراري لبني قريظة، والإجلاء لبني النضير، عن مقاتل. وهذا معنى قول ابن عباس: أو أمر من عنده يريد فيه هلاكهم، وهو يحتمل هلاك اليهود، وهلاك المنافقين (فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) أي: فيصبح أهل النفاق على ما كان منهم من نفاقهم وولايتهم لليهود، ودس الأخبار إليهم، نادمين (1)، عن ابن عباس، وقتادة. والمعنى: إذا فتح الله على المؤمنين، ندم المنافقون والكفار على تفويتهم أنفسهم ذلك، وكذلك إذا ماتوا وتحققوا دخول النار، ندموا على ما فعلوه في الدنيا من الكفر والنفاق (ويقول الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله ظاهرا وباطنا، تعجبا من نفاق المنافقين، واجترائهم على الله بالايمان الكاذبة (أهؤلاء الذين أقسموا بالله) يعني المنافقين حلفوا بالله (جهد أيمانهم) انتصب (جهد) لأنه مصدر أي: جهدوا جهد أيمانهم. قال عطا: أي حلفوا بأغلظ الايمان وأوكدها (2) أنهم مؤمنون، ومعكم في معاونتكم على أعدائكم، ونصرتكم، يريد أنهم حلفوا أنهم لأمثالكم في الايمان. (حبطت أعمالهم) أي: ضاعت أعمالهم التي عملوها لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه المأمور به، وبطل ما أظهروه من الايمان، لأنه لم يوافق باطنهم ظاهرهم، فلم يستحقوا به الثواب (فأصبحوا) أي: صاروا (خاسرين) أي: خسروا الدنيا والآخرة. أما الدنيا فليسوا من الأنصار. وأما الآخرة فقرنهم الله مع الكفار، عن ابن عباس. وقيل: مغبونين بأنفسهم ومنازلهم في الجنة، إذا صاروا إلى النار، وورثها المؤمنون، عن الكلبي.