عن الزجاج. وثانيها: إنه إنما سمي سحتا لأنه لا بركة فيه لأهله، فيهلك هلاك الاستئصال، عن الجبائي. وثالثها: إنه إنما سمي سحتا، لأنه القبيح الذي فيه العار نحو ثمن الكلب، والخمر، فعلى هذا يسحت مروءة الانسان عن الخليل (فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) أراد به اليهود الذين تحاكموا إلى النبي في حد الزنا، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. وقيل: أراد بني قريظة، وبني النضير، لما تحكموا إليه، فخيره الله تعالى بين أن يحكم بينهم، وبين أن يعرض عنهم، عن ابن عباس في رواية أخرى، وقتادة، وابن زيد.
والظاهر في روايات أصحابنا أن هذا التخيير ثابت في الشرع للأئمة والحكام، وهو قول قتادة، وعطاء، والشعبي، وإبراهيم. وقيل: إنه منسوخ بقوله: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) عن الحسن، ومجاهد، وعكرمة. (وإن تعرض عنهم) أي. عن الحكم بينهم (فلن يضروك شيئا) أي: لا يقدرون لك على ضرر في دين أو دنيا، فدع النظر بينهم إن شئت (وإن حكمت) أي: وإن اخترت أن تحكم (1)، (فاحكم بينهم بالقسط) أي: العدل. وقيل: بما في القرآن، وشريعة الاسلام (إن الله يحب المقسطين) أي: العادلين. (وكيف يحكمونك) أي: كيف يحكمك يا محمد هؤلاء اليهود فيهم، فيرضون بك حكما (وعندهم التوراة) التي أنزلناها على موسى، وهي التي يقرون بها أنها كتابي الذي أنزلته، وأنه حق، وإن ما فيه من حكمي يعلمونه، ولا يتناكرونه (فيها حكم الله) أي: أحكامه التي لم تنسخ، عن أبي علي. وقيل: عنى به الحكم بالرجم، عن الحسن. وقيل: معناه فيها حكم الله بالقود، عن قتادة.
(ثم يتولون من بعد ذلك) أي: يتركون الحكم به جرأة علي. وفي هذا تعجيب للنبي، وتقريع لليهود الذين نزلت الآية فيهم، فكأنه قال: كيف تقرون أيها اليهود بحكم نبيي محمد، مع إنكاركم نبوته، وتكذيبكم إياه، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرون بوجوبه، وتعترفون بأنه جاءكم من عندي. وقوله: (من بعد ذلك) إشارة إلى حكم الله في التوراة، عن عبد الله بن كثير. وقيل: (من بعد ذلك) أي:
من بعد تحكيمك أو حكمك بالرجم، لأنهم ليسوا منه على ثقة، وإنما طلبوا به