أن المراد بالأيدي الايمان. قال العلماء: إن هذه الآية مجملة في إيجاب القطع على السارق، وبيان ذلك مأخوذ من السنة.
واختلف في القدر الذي يقطع به يد السارق، فقال أصحابنا: يقطع في ربع دينار فصاعدا، وهو مذهب الشافعي، والأوزاعي، وأبي ثور، ورووا عن عائشة عن النبي أنه قال: " لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا ". وذهب أبو حنيفة وأصحابه أنه يقطع في عشرة دراهم فصاعدا، واحتجوا بما روي عن عطا، عن ابن عباس: " إن أدنى ما يقطع فيه ثمن المجن " (1) قال: وكان ثمن المجن على عهد رسول الله عشرة دراهم. وذهب مالك أنه يقطع في ثلاثة دراهم فصاعد!. وروي عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطع سارقا في مجن ثمنه ثلاثة دراهم. وقال بعضهم: لا تقطع الخمس إلا في خمسة دراهم، واختاره أبو علي الجبائي، وقال:
لأنه بمنزلة من منع خمسة دراهم من الزكاة في أنه فاسق. وقال بعضهم: تقطع يد السارق في القليل والكثير، وإليه ذهب الخوارج، واحتجوا بعموم الآية، وبما روي عن النبي أنه قال: " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " وهذا الخبر قد طعن أصحاب الحديث في سنده، وذكر أيضا في تأويله: إن المراد بالبيضة بيضة الحديد التي تغفر الرأس في الحرب، وبالحبل حبل السفينة.
واختلف أيضا في كيفية القطع، فقال أكثر الفقهاء: إنه إنما يقطع من الرسغ، وهو المفصل بين الكف والساعد، ثم إن عند الشافعي تقطع يده اليمنى في المرة الأولى، ورجله اليسرى في المرة الثانية، ويده اليسرى في المرة الثالثة، ورجله اليمنى في المرة الرابعة، ويحبس في المرة الخامسة، وعند أبي حنيفة لا تقطع في الثالثة.
وقال أصحابنا: إنه تقطع من أصول الأصابع، وتترك له الابهام والكف، وفي المرة الثانية تقطع رجله اليسرى من أصل الساق، ويترك عقبه، يعتمد عليها في الصلاة، فإن سرق بعد ذلك خلد في السجن، وهو المشهور عن علي عليه السلام، وأجمعت الطائفة عليه، وقد استدل على ذلك أيضا بقوله (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) ولا شك في أنهم إنما يكتبونه بالأصابع. ولا خلاف أن السارق إنما يجب