كانوا يبولون وهم قيام، فيتشرشر البول على أعقابهم وأرجلهم، فلا يغسلونها، ويدخلون المسجد للصلاة، وكان ذلك سببا لهذا الوعيد.
وأما الكعبان فقد اختلف في معناهما، فعند الإمامية هما العظمان الناتئان في ظهر القدم عند معقد الشراك، ووافقهم في ذلك محمد بن الحسن، صاحب أبي حنيفة، وإن كان يوجب غسل الرجلين إلى هذا الموضع. وقال جمهور المفسرين والفقهاء: الكعبان هما عظما الساقين، قالوا: ولو كان كما قالوه، لقال سبحانه وأرجلكم إلى الكعاب، ولم يقل (إلى الكعبين) لأن على ذلك القول، يكون في كل رجل كعبان (وإن كنتم جنبا فاطهروا) معناه إن كنتم جنبا عند القيام إلى الصلاة، فتطهروا بالاغتسال، وهو أن تغسلوا جميع البدن. والجنابة إنما تكون بإنزال الماء الدافق على كل حال، أو بالتقاء الختانين، وحده غيبوبة الحشفة في الفرج، سواء كان معه إنزال، أو لم يكن (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه): قد مر تفسيره في سورة النساء، فلا معنى لإعادته (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) معناه: ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء، إذا قمتم إلى الصلاة، والغسل من الجنابة، والتيمم، عند عدم الماء، أو تعذر استعماله، ليلزمكم في دينكم من ضيق، ولا ليعنتكم فيه، عن مجاهد، وجميع المفسرين.
(ولكن يريد ليطهركم) بما فرض عليكم من الوضوء والغسل، من الإحداث والجنابة، أي: ينظف أجسادكم بذلك من الذنوب. واللام دخلت فيه، لتبيين الإرادة أي يريد ذلك لتطهيركم، كما قال الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل ويؤيد ما قلناه ما روي عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن الوضوء يكفر ما قبله " (وليتم نعمته عليكم) أي: ويريد الله تعالى مع تطهيركم من ذنوبكم بطاعتكم إياه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل، إذا قمتم إلى الصلاة، مع وجود الماء، أو التيمم عند عدمه، أن يتم نعمته بإباحته لكم التيمم، وتصييره لكم الصعيد الطيب طهورا، رخصة لكم منه، من سوابغ نعمه التي أنعم بها عليكم (لعلكم تشكرون) أي: لتشكروا الله على نعمته بطاعتكم إياه، فيما أمركم به، ونهاكم عنه. وقد تضمنت هذه الآية أحكام الوضوء وصفته،