فهو على هذا في موضع نصب بأنه مفعول له، ومثله قول عمرو بن كلثوم (فعجلنا القرى أن تشتمونا) أي: كراهة أن تشتمونا. قالوا: ولا يجوز أن يضمر لا لأنه حرف جاء لمعنى، فلا يجوز حذفه، ولكن يجوز أن تدخل لا في الكلام مؤكدة، وهي لغو، كقوله: (لان لا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون) والمعنى: لأن يعلم، وكقول الشاعر:
وما ألوم البيض أن لا تسخرا * إذا رأين الشمط القفندرا (1) والمعنى أن تسخرا. وثالثها: ما قاله الأخفش، وهو أن مع الفعل بتأويل المصدر، وموضع أن نصب يبين، وتقديره يبين الله لكم الضلال لتجتنبوه.
النزول: اختلف في سبب نزول الآية، فروي عن جابر بن عبد الله، أنه قال:
" اشتكيت وعندي تسع أخوات لي، أو سبع، فدخل علي النبي، فنفخ في وجهي، فأفقت، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أحسن.
قلت: الشطر. قال: أحسن. ثم خرج وتركني، ورجع إلي، فقال: يا جابر! إني لا أراك ميتا من وجعك هذا، وإن الله تعالى قد أنزل في الذي لأخواتك، فجعل لهن الثلثين ". قالوا: " وكان جابر يقول: أنزلت هذه الآية في ". وعن قتادة قال: إن الصحابة كان همهم شأن الكلالة، فأنزل الله فيها هذه الآية. وقال البراء بن عازب:
آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء (يستفتونك) الآية.
أورده البخاري ومسلم في صحيحيهما. وقال جابر: نزلت بالمدينة. وقال ابن سيرين: نزلت في مسير كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وتسمى هذه الآية، آية الصيف، وذلك أن الله تعالى أنزل في الكلالة آيتين: إحداهما في الشتاء، وهي التي في أول هذه السورة، وأخرى في الصيف وهي هذه الآية. وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكلالة، فقال يكفيك، أو يجزيك آية الصيف.
المعنى: لما بين سبحانه في أول السورة بعض سهام الفرائض، ختم السورة ببيان ما بقي من ذلك فقال: (يستفتونك) يا محمد أي: يطلبون منك الفتيا في ميراث الكلالة (قل الله يفتيكم) أي: يبين لكم الحكم (في الكلالة) وهو اسم