واحد، لوقوع ابن بين علمين، مع كونه صفة، والصفة ربما ركبت مع الموصوف، فجعلا كاسم واحد نحو لا رجل ظريف في الدار، ورسول الله صفة للمسيح، أو بدل منه، (واتباع الظن) منصوب على الاستثناء، وهو استثناء منقطع، وليس من الأول. فالمعنى ما لهم به من علم، لكنهم يتبعون الظن.
المعنى: ثم ذكر سبحانه أفعالهم القبيحة، ومجازاته إياهم بها، فقال (فبما نقضهم)، أي: فبنقض هؤلاء الذين تقدم ذكرهم ووصفهم (ميثاقهم) أي:
عهودهم التي عاهدوا الله عليها أن يعملوا بها في التوراة (وكفرهم بآيات الله) أي:
جحودهم بأعلام الله، وحججه، وأدلته التي احتج بها عليهم في صدق أنبيائه ورسله (وقتلهم الأنبياء) بعد قيام الحجة عليهم بصدقهم (بغير حق) أي: بغير استحقاق منهم لذلك، بكبيرة أتوها، أو خطيئة استوجبوا بها القتل، وقد قدمنا القول في أمثال هذا، وإنه إنما يذكر على سبيل التوكيد، فإن قتل الأنبياء لا يمكن إلا أن يكون بغير حق، وهو مثل قوله: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به)، والمعنى أن ذلك لا يكون البتة عليه برهان (وقولهم قلوبنا غلف) مضى تفسيره في سورة البقرة (بل طبع الله عليها بكفرهم) قد شرحنا معنى الختم والطبع، عند قوله (ختم الله على قلوبهم).
(فلا يؤمنون إلا قليلا) أي: لا يصدقون قوله إلا تصديقا قليلا، وإنما وصفه بالقلة، لأنهم لم يصدقوا بجميع ما كان يجب عليهم التصديق به، ويجوز أن يكون الاستثناء من الذين نفى عنهم الايمان، فيكون المعنى: إلا جمعا قليلا، فكأنه سبحانه علم أنه يؤمن من جملتهم جماعة قليلة فيما بعد، فاستثناهم من جملة من أخبر عنهم، أنهم لا يؤمنون به. قال جماعة من المفسرين، مثل قتادة، وغيره، وذكر بعضهم أن الباء في قوله (فبما نقضهم) يتصل بما قبله. والمعنى: فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، وبنقضهم ميثاقهم، وبكفرهم، وبكذا، وبكذا، فتبع الكلام بعضه بعضا، وقال الطبري: إن معناه منفصل مما قبله، يعني: فبهذه الأشياء لعناهم، وغضبنا عليهم. فترك ذكر ذلك لدلالة قوله (بل طبع الله عليها بكفرهم) على معنى ذلك، لان من طبع على قلبه، فقد لعن وسخط عليه. قال: وإنما قال ذلك لان الذين أخذتهم الصاعقة، كانوا على عهد موسى، والذين قتلوا الأنبياء، والذين رموا مريم بالبهتان العظيم، وقالوا: قتلنا عيسى، كانوا بعد موسى بزمان