أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما [162] القراءة: قرأ حمزة وحده (سيؤتيهم) بالياء، والباقون بالنون.
الحجة: ذكرنا الوجه في ما قيل عن قوله (أولئك سوف نؤتيهم أجورهم).
الاعراب: اختلف في نصب (المقيمين) فذهب سيبويه والبصريون إلى أنه نصب على المدح، على تقدير أعني المقيمين الصلاة. قالوا: إذا قلت مررت بزيد الكريم، وأنت تريد أن تعرف زيدا الكريم، من زيد غير الكريم، فالوجه الجر.
وإذا أردت المدح والثناء، فإن شئت نصبت، وقلت: مررت بزيد الكريم، كأنك قلت: أذكر الكريم، وإن شئت رفعت فقلت الكريم على تقدير هو الكريم. وقال الكسائي: موضع (المقيمين) جر، وهو معطوف على ما من قوله (بما أنزل إليك) أي: وبالمقيمين الصلاة. وقال قوم: إنه معطوف على الهاء والميم، من قوله منهم على معنى (لكن الراسخون في العلم منهم) وفي المقيمين الصلاة. وقال آخرون:
إنه معطوف على الكاف من قبلك أي بما أنزل من قبلك، ومن قبل المقيمين الصلاة. وقيل: إنه معطوف على الكاف في إليك، أو الكاف في قبلك. وهذه الأقوال الأخيرة لا تجوز عند البصريين، لأنه لا يعطف بالظاهر على الضمير المجرور، من غير إعادة الجار. وقد شرحنا هذا في مبتدأ السورة عند قوله (والأرحام). وأما ما روي عن عروة، عن عائشة قال: سألتها عن قوله (والمقيمين الصلاة). وعن قوله (والصابئون)، وعن قوله (إن هذان)، فقالت: يا ابن أختي! هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب. وما روي عن بعضهم: إن في كتاب الله أشياء ستصلحها العرب بألسنتها، قالوا: وفي مصحف ابن مسعود: (والمقيمون الصلاة)، فمما لا يلتفت إليه، لأنه لو كان كذلك، لم يكن لتعلمه الصحابة الناس على الغلط، وهم القدوة، والذين أخذوه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
المعنى: ثم ذكر سبحانه مؤمني أهل التوراة فقال: (لكن الراسخون في العلم) والدين، وذلك أن عبد الله بن سلام وأصحابه قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن اليهود لتعلم أن الذي جئت به حق، وإنك لعندهم مكتوب في التوراة، فقال اليهود: ليس كما يقولون إنهم لا يعلمون شيئا، وإنهم يغرونك ويحدثونك بالباطل، فقال الله تعالى (لكن الراسخون)، الثابتون المبالغون (في العلم)، المدارسون بالتوراة (منهم)