عيسى ومعه سبعة من الحواريين في بيت، فأحاطوا بهم، فلما دخلوا عليهم، صيرهم الله كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا، ليبرزن لنا عيسى، أو لنقتلنكم جميعا! فقال عيسى لأصحابه: من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم اسمه سرجس: أنا. فخرج إليهم، فقال: أنا عيسى. فأخذوه، وقتلوه، وصلبوه، ورفع الله عيسى من يومه ذلك، وبه قال قتادة، ومجاهد، وابن إسحاق.
وإن اختلفوا في عدد الحواريين، ولم يذكر أحد غير وهب، أن شبهه ألقي على جميعهم، بل قالوا: ألقي شبهه على واحد، ورفع عيسى من بينهم. قال الطبري:
وقول وهب أقوى، لأنه لو ألقي الشبه على واحد منهم، مع قول عيسى: " أيكم يلقى شبهي فله الجنة " ثم رأوا عيسى رفع من بينهم. قال الطبري: لما اشتبه عليهم، ولما اختلفوا فيه، وإن جاز أن يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين ما عرفوه، لكن ألقي الشبه على جميعهم، وكانوا يرون كل واحد منهم بصورة عيسى، فلما قتل أحدهم، اشتبه الحال عليهم.
وقال أبو علي الجبائي: إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا، فقتلوه وصلبوه، على موضع عال، ولم يمكنوا أحدا من الدنو إليه، فتغيرت حليته، وقالوا: قد قتلنا عيسى، ليوهموا بذلك على عوامهم، لأنهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى، فلما دخلوه، كان عيسى قد رفع من بينهم، فخافوا أن يكون ذلك سببا لايمان اليهود به، ففعلوا ذلك. والذين اختلفوا فيه هم غير الذين صلبوه، وإنما باقي اليهود.
وقيل: إن الذي دلهم عليه، وقال: هذا عيسى، أحد الحواريين، أخذ على ذلك ثلاثين درهما، وكان منافقا، ثم إنه ندم على ذلك، واختنق حتى قتل نفسه، وكان اسمه بودس زكريا بوطا، وهو ملعون في النصارى.
وبعض النصارى يقول: إن بودس زكريا بوطا، هو الذي شبه لهم، فصلبوه، وهو يقول: لست بصاحبكم! أنا الذي دللتكم عليه! وقيل: إنهم حبسوا المسيح، مع عشرة من أصحابه، في بيت، فدخل عليهم رجل من اليهود، فألقى الله تعالى عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، فقتلوا الرجل، عن السدي.
(وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه) قيل: يعني بذلك عامتهم، لأن علماءهم علموا أنه غير مقتول، عن الجبائي. وقيل: أراد بذلك جماعة اختلفوا، فقال بعضهم: قتلناه، وقال بعضهم: لم نقتله. (ما لهم به من علم إلا اتباع