فيستفتحون الصلاة، ويصلي بهم الامام الركعة الثانية، حسب، ويطيل تشهده حتى يقوموا فيصلوا بقية صلاتهم، ثم يسلم بهم الامام، فيكون للطائفة الأولى تكبيرة الافتتاح، وللثانية التسليم، وهو مذهب الشافعي أيضا.
وقيل: إن الطائفة الأولى إذا فرغت من ركعة، يسلمون ويمضون إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى، ويصلي بهم ركعة، وهو مذهب مجاهد، وجابر، ومن يرى أن صلاة الخوف ركعة واحدة. وقيل: إن الامام يصلي بكل طائفة ركعتين، فيصلي بهم مرتين بكل طائفة مرة، عن الحسن. وقيل: إنه إذا صلى بالطائفة الأولى ركعة، مضوا إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى، فيكبرون ويصلي بهم الركعة الثانية، ويسلم الامام، ويعودون إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الأولى، فيقضون ركعة بغير قراءة، لأنهم لاحقون، ويسلمون ويرجعون إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الثانية، فيقضون ركعة بغير قراءة، لأنهم مسبوقون، عن عبد الله بن مسعود، وهو مذهب أبي حنيفة.
(ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا) وهم الذين كانوا بإزاء العدو (فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) يعني: وليكونوا حذرين من عدوهم، متأهبين لقتالهم بأخذ الأسلحة: أي آلات الحرب، وهذا يدل على أن الفرقة المأمورة بأخذ السلاح في الأول، هم المصلون دون غيرهم. (ود الذين كفروا) معناه: تمنى الذين كفروا (لو تغفلون): لو تعتزلون (عن أسلحتكم)، وتشتغلون عن أخذها تأهبا للقتال، (وأمتعتكم) أي: وعن أمتعتكم التي بها بلاغكم في أسفاركم، فتسهون عنها (فيميلون عليكم ميلة واحدة) أي: يحملون عليكم حملة واحدة، وأنتم متشاغلون بصلاتكم، فيصيبون منكم غرة، فيقتلونكم، ويستبيحون عسكركم، وما معكم.
المعنى: لا تتشاغلوا بأجمعكم بالصلاة عند مواقفة العدو، فيتمكن عدوكم من أنفسكم، وأسلحتكم، ولكن أقيموها على ما أمرتم به. ومن عادة العرب أن يقولوا:
ملنا عليهم بمعنى حملنا. قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري، لرسول الله، ليلة العقبة الثانية: " والذي بعثك بالحق! إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا! فقال رسول الله: لم نؤمر بذلك ". يعني في ذلك الوقت (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر) معناه: لا حرج عليكم، ولا إثم، ولا ضيق، إن نالكم أذى من مطر، وأنتم مواقفو عدوكم (أو كنتم مرضى) يعني: أعلاء، أو جرحى،