الرسول في السنن، عن الكلبي. والأول أصح لان طاعة الرسول هي طاعة الله، وامتثال أوامره امتثال أوامر الله. وأما المعرفة بأنه رسول الله، فهي معرفة برسالته، ولا يتم ذلك إلا بعد معرفة الله، وليست إحداهما هي الأخرى. وطاعة الرسول واجبة في حياته، وبعد وفاته، لان اتباع شريعته لازم بعد وفاته، لجميع المكلفين. ومعلوم ضرورة أنه دعا إليها جميع العالمين إلى يوم القيامة، كما علم أنه رسول الله إليهم أجمعين.
وقوله (وأولي الأمر منكم) للمفسرين فيه قولان أحدهما: إنهم الأمراء، عن أبي هريرة، وابن عباس، في إحدى الروايتين، وميمون بن مهران، والسدي، واختاره الجبائي، والبلخي، والطبري والآخر: إنهم العلماء عن جابر بن عبد الله، وابن عباس، في الرواية الأخرى، ومجاهد، والحسن، وعطا، وجماعة، وقال بعضهم: لأنهم الذين يرجع إليهم في الاحكام، ويجب الرجوع إليهم عند التنازع دون الولاة.
وأما أصحابنا فإنهم رووا عن الباقر، والصادق عليه السلام أن أولي الامر هم الأئمة من آل محمد، أوجب الله طاعتهم بالاطلاق، كما أوجب طاعته، وطاعة رسوله، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبتت عصمته، وعلم أن باطنه كظاهره، وأمن منه الغلط، والامر بالقبيح، وليس ذلك بحاصل في الأمراء، ولا العلماء سواهم، جل الله عن أن يأمر بطاعة من يعصيه، أو بالانقياد للمختلفين في القول، والفعل، لأنه محال أن يطاع المختلفون، كما أنه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه.
ومما يدل على ذلك أيضا أن الله تعالى لم يقرن طاعة أولي الامر بطاعة رسوله، كما قرن طاعة رسوله بطاعته، إلا وأولو الامر فوق الخلق جميعا، كما أن الرسول فوق أولي الامر، وفوق سائر الخلق. وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذين ثبتت إمامتهم، وعصمتهم، واتفقت الأمة على علو رتبتهم وعدالتهم. (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) معناه: فإن اختلفتم في شئ من أمور دينكم، فردوا التنازع فيه إلى كتاب الله وسنة الرسول، وهذا قول مجاهد، وقتادة، والسدي.
ونحن نقول: الرد إلى الأئمة القائمين مقام الرسول بعد وفاته، هو مثل الرد إلى