تذكره في صدر كلامك، فإذا قلت: ضربت ضربا، فمعناه أحدثت ضربا أحقه حقا.
النزول: قيل: نزلت في الزبير، ورجل من الأنصار، خاصمه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في شراج من الحرة (1)، كانا يسقيان بها النخل، كلاهما، فقال النبي للزبير: أسق، ثم أرسل إلى جارك. فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله لئن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال للزبير: أسق يا زبير، ثم احبس الماء، حتى يرجع إلى الجدر، واستوف حقك، ثم أرسل إلى جارك. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه. فلما أحفظ رسول الله، استوعب للزبير حقه في صريح الحكم ويقال: إن الرجل كان حاطب بن أبي بلتعة.
قال الراوي: ثم خرجا، فمرا على المقداد، فقال: لمن كان القضاء يا أبا بلتعة؟ قال: قضى لابن عمته - ولوى شدقه - ففطن لذلك يهودي، كان مع المقداد، فقال: قاتل الله هؤلاء، يزعمون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم، وأيم الله! لقد أذنبنا مرة واحدة في حياة موسى، فدعانا موسى إلى التوبة، فقال:
اقتلوا أنفسكم، ففعلنا، فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا، حتى رضي عنا! فقال ثابت بن قيس بن شماس: أما والله إن الله ليعلم مني الصدق، ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت. فأنزل الله في شأن حاطب بن أبي بلتعة، وليه شدقه هذه الآية.
وقال الشعبي: نزلت في قصة بشر المنافق واليهودي، اللذين اختصما إلى عمر، وقد مضى ذكرهما.
المعنى: ثم بين الله أن الايمان إنما هو بالتزام حكم رسول الله، والرضاء به، فقال: (فلا): أي ليس كما تزعمون أنهم يؤمنون، مع محاكمتهم إلى الطاغوت (وربك لا يؤمنون): أقسم الله إن هؤلاء المنافقين لا يكونون مؤمنين، ولا يدخلون في الايمان (حتى يحكموك): أي حتى يجعلوك حكما، أو حاكما (فيما شجر بينهم): أي فيما وقع بينهم من الخصومة، والتبس عليهم من أحكام الشريعة (ثم لا يجدوا في أنفسهم): أي في قلوبهم (حرجا): أي شكا في أنما قلته حق، عن مجاهد. وقيل: إثما: أي لا يأثمون بإنكار ذلك، عن الضحاك. وقيل: ضيقا