مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء زاد الحاكم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما و أبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه و سلم و عمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه و سلم وهذا كان في خلافة معاوية فكأنها كانت في الأول مسطحة ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعه و قد روى أبو بكر الآجري في كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه و سلم من طريق إسحق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند عن غنيم بن بسطام المديني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه و سلم في إمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من أربع أصابع و رأيت قبر أبي بكر وراء قبره و رأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه ثم الاختلاف في ذلك في أيهما أفضل لا في أصل الجواز و رجح المزني التسنيم من حيث المعنى بأن المسطح يشبه ما يصنع للجلوس بخلاف المسنم و رجحه ابن قدامة بأنه يشبه أبنية أهل الدنيا و هو من شعار أهل البدع فكان التسنيم أولى و يرجح التسطيح ما رواه مسلم من حديث فضالة ابن عبيد أنه أمر بقبر فسوى ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بتسويتها (قوله حدثنا فروة) هو ابن أبي المغراء و على هو ابن مسهر و ثبت ذلك في رواية أبي ذر (قوله لما سقط عليهم الحائط) أي حائط حجرة النبي صلى الله عليه و سلم و في رواية الحموي عنهم و السبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال كان الناس يصلون إلى القبر فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحد فلما هدم بدت قدم بساق وركبة ففزع عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة فقال هذا ساق عمر وركبته فسري عن عمر بن عبد العزيز و روى الآجري من طريق مالك بن مغول عن رجاء بن حياة قال كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز و كان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن اهدمها و وسع بها المسجد فقعد عمر في ناحية ثم أمر بهدمها فما رأيته باكيا أكثر من يومئذ ثم بناه كما أراد فلما أن بنى البيت على القبر و هدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة و كان الرمل الذي عليها قد انهار ففزع عمر بن عبد العزيز و أراد أن يقوم فيسويها بنفسه فقلت له أصلحك الله انك أن قمت قام الناس معك فلو أمرت رجلا أن يصلحها و رجوت أنه يأمرني بذلك فقال يا مزاحم يعني مولاه قم فأصلحها قال رجاء و كان قبر أبي بكر عند وسط النبي صلى الله عليه و سلم و عمر خلف أبي بكر رأسه عند وسطه و هذا ظاهره يخالف حديث القاسم فإن أمكن الجمع وإلا فحديث القاسم أصح و أما ما أخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن عائشة أبو بكر عن يمينه و عمر عن يساره فسنده ضعيف و يمكن تأويله و الله أعلم (قوله و عن هشام) هو بالإسناد المذكور و قد أخرجه المصنف في الاعتصام من وجه آخر عن هشام وأخرجه الإسماعيلي من طريق عبدة عن هشام وزاد فيه و كان في بيتها موضع قبر (قوله لا أزكى) بضم أوله و فتح الكاف على البناء للمجهول أي لا يثني على بسببه و يجعل لي بذلك مزية و فضل و أنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك و هذا منها على سبيل التواضع و هضم النفس بخلاف قولها لعمر كنت أريده لنفسي فكأن اجتهادها في ذلك تغير أو لما قالت ذلك لعمر كان قبل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل فاستحيت بعد ذلك أن تدفن هناك و قد قال عنها عمار بن ياسر و هو أحد من حاربها يومئذ أنها زوجة نبيكم في الدنيا و الآخرة و سيأتي ذلك مبسوطا في كتاب الفتن أن شاء الله تعالى و هو كما قال رضي الله تعالى عنهم
(٢٠٤)