أبي شيبة في مسنده عن عفان به و من طريقه أخرجه الإسماعيلي و أبو نعيم (قوله حدثنا داود بن أبي الفرات) هو بلفظ النهر المشهور و اسمه عمرو و هو كندي من أهل مرو و لهم شيخ آخر يقال له داود بن أبي الفرات اسم أبيه بكر و أبو الفرات اسم جده و هو أشجعي من أهل المدينة أقدم من الكندي (قوله عن أبي الأسود) هو الديلي التابعي الكبير المشهور و لم أره من رواية عبد الله بن بريدة عنه الا معنعنا و قد حكى الدارقطني في كتاب التتبع عن علي بن المديني أن ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود و لم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود (قلت) و ابن بريدة ولد في عهد عمر فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب لكن البخاري لا يكتفى بالمعاصرة فلعله أخرجه شاهدا و اكتفى للأصل بحديث أنس الذي قبله و الله أعلم (قوله قدمت المدينة و قد وقع بها مرض) زاد المصنف في الشهادات عن موسى بن إسماعيل عن داود و هم يموتون موتا ذريعا و هو بالذال المعجمة أي سريعا (قوله فأثنى على صاحبها خيرا) كذا في جميع الأصول خيرا بالنصب و كذا شرا و قد غلط من ضبط أثنى بفتح الهمزة على البناء للفاعل فإنه في جميع الأصول مبنى للمفعول قال ابن التين و الصواب الرفع و في نصبه بعد في اللسان و وجهه غيره بأن الجار و المجرور أقيم مقام المفعول الأول و خيرا مقام الثاني و هو جائز و أن كان المشهور عكسه و قال النووي هو منصوب بنزع الخافض أي أثنى عليها بخير و قال ابن مالك خيرا صفة لمصدر محذوف فأقيمت مقامه فنصبت لأن أثنى مسند إلى الجار و المجرور قال والتفاوت بين الإسناد إلى المصدر و الإسناد إلى الجار و المجرور قليل (قوله فقال أبو الأسود) هو الراوي و هو بالإسناد المذكور (قوله فقلت و ما وجبت) هو معطوف على شئ مقدر أي قلت هذا شئ عجيب و ما معنى قولك لكل منهما وجبت مع اختلاف الثناء بالخير و الشر (قوله قلت كما قال النبي صلى الله عليه و سلم أيما مسلم الخ) الظاهر أن قوله أيما مسلم هو المقول فحينئذ يكون قول عمر لكل منهما وجبت قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى الله عليه و سلم أدخله الله الجنة و أما اقتصار عمر على ذكر أحد الشقين فهو أما للاختصار و إما لإحالته السامع على القياس و الأول أظهر و عرف من القصة أن المثنى على كل من الجنائز المذكورة كان أكثر من واحد و كذا في قول عمر قلنا و ما وجبت إشارة إلى أن السائل عن ذلك هو و غيره و قد وقع في تفسير قوله تعالى و كذلك جعلناكم أمة وسطا في البقرة عند ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة أن أبي بن كعب ممن سأل عن ذلك (قوله فقلنا و ثلاثة) فيه اعتبار مفهوم الموافقة لأنه سأل عن الثلاثة و لم يسأل عما فوق الأربعة كالخمسة مثلا و فيه أن مفهوم العدد ليس دليلا قطعيا بل هو في مقام الاحتمال (قوله ثم لم نسأله عن الواحد) قال الزين بن المنير إنما لم يسأل عمر عن الواحد استبعادا منه أن يكتفى في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب و قال أخوه في الحاشية فيه إيماء إلى الاكتفاء بالتزكية بواحد كذا قال و فيه غموض و قد استدل به المصنف على أن أقل ما يكتفي به في الشهادة اثنان كما سيأتي في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى قال الداودي المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل و الصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم ولا من بينه و بين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل و في الحديث فضيلة هذه الأمة و اعمال الحكم بالظاهر و نقل الطيبي عن بعض شراح المصابيح قال ليس معنى قوله أنتم شهداء الله في الأرض أي الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق
(١٨٢)