كونه مات على الإسلام فقد كان بعض الناس لم يدركونه أسلم فقد روى ابن أبي حاتم في التفسير من طريق ثابت و الدارقطني في الأفراد و البزار من طريق حميد كلاهما عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه صلى على علج من الحبشة فنزلت و ان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم الآية و له شاهد في معجم الطبراني الكبير من حديث وحشي بن حرب و آخر عنده في الأوسط من حديث أبي سعيد و زاد فيه أن الذي طعن بذلك فيه كان منافقا و استدل به على مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد و بذلك قال الشافعي و أحمد و جمهور السلف حتى قال ابن حزم لم يأت عن أحد من الصحابة منعه قال الشافعي الصلاة على الميت دعاء له و هو إذا كان ملففا يصلي عليه فكيف لا يدعى له و هو غائب أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به و هو ملفف و عن الحنفية و المالكية لا يشرع ذلك و عن بعض أهل العلم إنما يجوز ذلك في اليوم الذي يموت فيه الميت أو ما قرب منه لا ما إذا طالت المدة حكاه ابن عبد البر و قال ابن حبان إنما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة فلو كان بلد الميت مستدبر القبلة مثلا لم يجز قال المحب الطبري لم أر ذلك لغيره وحجته حجة الذي قبله الجمود على قصة النجاشي و ستأتي حكاية مشاركة الخطاب لهم في هذا الجمود وقد اعتذر من لم يقل بالصلاة على الغائب عن قصة النجاشي بأمور منها أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك و من ثم قال الخطابي لا يصلي على الغائب الا إذا وقع موته بأرض ليس بها من يصلي عليه و استحسنه الروياني من الشافعية و به ترجم أبو داود في السنن الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك ببلد آخر و هذا محتمل الا انني لم اقف في شئ من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد و من ذلك قول بعضهم كشف له صلى الله عليه و سلم عنه حتى رآه فتكون صلاته عليه كصلاة الإمام على ميت رآه و لم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها قال ابن دقيق العيد هذا يحتاج إلى نقل ولا يثبت بالاحتمال و تعقبه بعض الحنفية بان الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع و كان مستند قائل ذلك ما ذكره الواقدي في أسبابه بغير إسناد عن ابن عباس قال كشف للنبي صلى الله عليه و سلم عن سرير النجاشي حتى رآه و صلى عليه و لابن حبان من حديث عمران بن حصين فقام وصفوا خلفه و هم لا يظنون الا أن جنازته بين يديه أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه و لأبي عوانة من طريق أبان و غيره عن يحيى فصلينا خلفه و نحن لا نرى الا أن الجنازة قدامنا و من الاعتذارات أيضا أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه و سلم صلى على ميت غائب غيره قال المهلب و كأنه لم يثبت عنده قصة معاوية بن معاوية اليثي و قد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلى مجموع طرقه و استند من قال بتخصيص النجاشي لذلك إلى ما تقدم من إرادة إشاعة أنه مات مسلما أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته قال النووي لو فتح باب هذا الخصوص لا نسد كثير من ظواهر الشرع مع أنه لو كان شئ مما ذكروه لتوفرت الدواعي على نقله و قال ابن العربي المالكي قال المالكية ليس ذلك الا لمحمد قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته يعني لأن الأصل عدم الخصوصية قالوا طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا أن ربنا عليه لقادر و أن نبينا لأهل لذلك و لكن لا تقولوا الا ما رويتم
(١٥١)