أنس و قيد ذلك بالقرب من الجنازة لأن من بعد عنها يصدق عليه أيضا أنه مشى امامها و خلفها مثلا و الغير المذكور أظنه عبد الرحمن بن قرط بضم القاف و سكون الراء بعدها مهملة قال سعيد ابن منصور حدثنا مسكين بن ميمون حدثني عروة بن رويم قال شهد عبد الرحمن بن قرط جنازة فرأى ناسا تقدموا و آخرين استأخروا فأمر بالجنازة فوضعت ثم رماهم بالحجارة حتى اجتمعوا إليه ثم أمر بها فحملت ثم قال بين يديها و خلفها و عن يمينها و عن شمالها و عبد الرحمن المذكور صحابي ذكر البخاري و يحيى بن معين أنه كان من أهل الصفة و كان واليا على حمص في زمن عمر و دل إيراد البخاري لأثر أنس المذكور على اختيار هذا المذهب و هو التخيير في المشي مع الجنازة و هو قول الثوري و به قال ابن حزم لكن قيده بالماشي اتباعا لما أخرجه أصحاب السنن و صححه ابن حبان و الحاكم من حديث المغيرة بن شعبة مرفوعا الراكب خلف الجنازة و الماشي حيث شاء منها و عن النخعي أنه أن كان في الجنازة نساء مشى امامها و إلا فخلفها و في المسألة مذهبان آخران مشهوران فالجمهور على أن المشي امامها أفضل و فيه حديث لابن عمر أخرجه أصحاب السنن و رجاله رجال الصحيح الا أنه اختلف في وصله و ارساله و يعارضه ما رواه سعيد بن منصور و غيره من طريق عبد الرحمن بن أبزى عن علي قال المشي خلفها أفضل من المشي امامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ إسناده حسن و هو موقوف له حكم المرفوع لكن حكى الأثرم عن أحمد أنه تكلم في إسناده و هو قول الأوزاعي و أبي حنيفة و من تبعهما (قوله حفظناه من الزهري) في رواية المستملى عن بدل من و الأول أولى لأنه يقتضى سماعه منه بخلاف رواية المستملى و قد صرح الحميدي في مسنده بسماع سفيان له من الزهري (قوله عن سعيد بن المسيب) كذا قال سفيان و تابعه معمر و ابن أبي حفصة عند مسلم و خالفهم يونس فقال عن الزهري حدثني أبو إمامة بن سهل عن أبي هريرة و هو محمول على أن للزهري فيه شيخين (قوله أسرعوا نقل ابن قدامة أن الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء و شذ ابن حزم فقال بوجوبه و المراد بالإسراع شدة المشي و على ذلك حمله بعض السلف و هو قول الحنفية قال صاحب الهداية و يمشون بها مسرعين دون الخبب و في المبسوط ليس فيه شئ مؤقت غير أن العجلة أحب إلى أبي حنيفة و عن الشافعي و الجمهور المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد و يكره الإسراع الشديد و مال عياض إلى نفى الخلاف فقال من استحبه أراد الزيادة على المشي المعتاد و من كرهه أراد الافراط فيه كالرمل و الحاصل أنه يستحب الإسراع بها لكن بحيث لا ينتهى إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل أو المشيع لئلا ينافي المقصود من النظافة أو ادخال المشقة على المسلم قال القرطبي مقصود الحديث أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن و لأن التباطؤ ربما أدى إلى التباهي و الاختيال (قوله بالجنازة) أي بحملها إلى قبرها و قيل المعنى الاسراع بتجهيزها فهو أعم من الأول قال القرطبي و الأول أظهر و قال النووي الثاني باطل مردود بقوله في الحديث تضعونه عن رقابكم و تعقبه الفاكهي بان الحمل على الرقاب قد يعبر به عن المعاني كما تقول حمل فلان على رقبته ذنوبا فيكون المعنى استريحوا من نظر من لا خير فيه قال و يؤيده أن الكل لا يحملونه انتهى و يؤيده حديث ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا مات أحدكم فلا تحبسوه و أسرعوا به إلى قبره أخرجه الطبراني بإسناد حسن و لأبي
(١٤٧)