الله صلى الله عليه و سلم يقول من تبع جنازة فله قيراط من الأجر فذكره و لم يبين لمن السياق و قد أخرجه مسلم عن شيبان بن فروخ كذلك فالظاهر أن السياق له (قوله من تبع جنازة فله قيراط) زاد مسلم في روايته من الأجر و القيراط بكسر القاف قال الجوهري أصله قراط بالتشديد لأن جمعه قراريط فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء قال و القيراط نصف دانق و قال قبل ذلك الدانق سدس الدرهم فعلى هذا يكون القيراط جزأ من أثنى عشر جزأ من الدرهم و أما صاحب النهاية فقال القيراط جزء من أجزاء الدينار و هو نصف عشره في أكثر البلاد و في الشام جزء من أربعة و عشرين جزأ و نقل ابن الجوزي عن ابن عقيل أنه كان يقول القيراط نصف سدس درهم أو نصف عشر دينار و الإشارة بهذا المقدار إلى الأجر المتعلق بالميت في تجهيزه و غسله و جميع ما يتعلق به فللمصلي عليه قيراط من ذلك و لمن شهد الدفن قيراط و ذكر القيراط تقريبا للفهم لما كان الانسان يعرف القيراط و يعمل العمل في مقابلته و عد من جنس ما يعرف و ضرب له المثل بما يعلم انتهى و ليس الذي قال ببعيد و قد روى البزار من طريق عجلان عن أبي هريرة مرفوعا من أتى جنازة في أهلها فله قيراط فإن تبعها فله قيراط فإن صلى عليها فله قيراط فإن انتظرها حتى تدفن فله قيراط فهذا يدل على أن لكل عمل من أعمال الجنازة قيراطا و أن اختلفت مقادير القراريط و لا سيما بالنسبة إلى مشقة ذلك العمل و سهولته و على هذا فيقال إنما خص قيراطي الصلاة و الدفن بالذكر لكونهما المقصودين بخلاف باقي أحوال الميت فإنها و سائل و لكن هذا يخالف ظاهر سياق الحديث الذي في الصحيح المتقدم في كتاب الإيمان فإن فيه أن لمن تبعها حتى يصلي عليها و يفرغ من دفنها قيراطين فقط و يجاب عن هذا بان القيراطين المذكورين لمن شهد و الذي ذكره ابن عقيل لمن باشر الأعمال التي يحتاج إليها الميت فافترقا و قد ورد لفظ القيراط في عدة أحاديث فمنها ما يحمل على القيراط المتعارف و منها ما يحمل على الجزء في الجملة و أن لم تعرف النسبة فمن الأول حديث كعب بن مالك مرفوعا إنكم ستفتحون بلدا يذكر فيها القيراط و حديث أبي هريرة مرفوعا كنت أرعى غنما لأهل مكة بالقراريط قال ابن ماجة عن بعض شيوخه يعني كل شاة بقيراط و قال غيره قراريط جبل بمكة و من المحتمل حديث ابن عمر في الذين أوتوا التوراة أعطوا قيراطا قيراطا و حديث الباب و حديث أبي هريرة من اقتنى كلبا نقص من عمله كل يوم قيراط و قد جاء تعيين مقدار القيراط في حديث الباب بأنه مثل أحد كما سيأتي الكلام عليه في الباب الذي يليه و في رواية عند أحمد و الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر قالوا يا رسول الله مثل قراريطنا هذه قال لا بل مثل أحد قال النووي و غيره لا يلزم من ذكر القيراط في الحديثين تساويهما لأن عادة الشارع تعظيم الحسنات و تخفيف مقابلها و الله أعلم و قال ابن العربي القاضي الذرة جزء من ألف و أربعة و عشرين جزأ من حبة و الحبة ثلث القيراط فإذا كانت الذرة تخرج من النار فكيف بالقيراط قال و هذا قدر قيراط الحسنات فأما قيراط السيئات فلا و قال غيره القيراط في اقتناء الكلب جزء من أجزاء عمل المقتنى له في ذلك اليوم و ذهب الأكثر إلى أن المراد بالقيراط في حديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله و قد قربها النبي صلى الله عليه و سلم للفهم بتمثيله القيراط بأحد قال الطيبي قوله مثل أحد تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط و المراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر و ذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين فبين الموزون بقوله من الأجر و بين
(١٥٦)