أوائل الجنائز و المحفوظ عن الزهري أن نعي النجاشي و الأمر بالاستغفار له عنده عن سعيد و أبي سلمة جميعا و أما قصة الصلاة عليه و التكبير فعنده عن سعيد وحده كذا فصله عقيل عنه كما سيأتي بعد خمسة أبواب و كذا يأتي في هجرة الحبشة من طريق صالح بن كيسان عنه و ذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه و قال إن الصواب ما ذكرناه (قوله نعي النجاشي) بفتح النون و تخفيف الجيم و بعد الألف شين معجمة ثم ياء ثقيلة كياء النسب و قيل بالتخفيف و رجحه الصغاني و هو لقب من ملك الحبشة و حكى المطرزي تشديد الجيم عن بعضهم و خطأه (قوله ثم تقدم) زاد ابن ماجة من طريق عبد الأعلى عن معمر فخرج و أصحابه إلى البقيع فصفنا خلفه و قد تقدم في أوائل الجنائز من رواية مالك بلفظ فخرج بهم إلى المصلى و المراد بالبقيع بقيع بطحان أو يكون المراد بالمصلى موضعا معدا للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين و الأول أظهر و قد تقدم في العيدين أن المصلى كان ببطحان و الله أعلم (قوله حدثنا مسلم) هو ابن إبراهيم و حديث ابن عباس المذكور سيأتي الكلام عليه بعد اثني عشر بابا (قوله قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش) بفتح المهملة و الموحدة بعدها معجمة في رواية مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج مات اليوم عبد لله صالح أصحمة و للمصنف في هجرة الحبشة من طريق ابن عيينة عن ابن جريج فقوموا فصلوا على اخيكم أصحمة و سيأتي ضبط هذا الاسم بعد في باب التكبير على الجنازة (قوله فصلى النبي صلى الله عليه و سلم) زاد المستملى في روايته و نحن صفوف و به يصح مقصود الترجمة و قال الكرماني يؤخذ مقصودها من قوله فصففنا لأن الغالب أن الملازمين له صلى الله عليه و سلم كانوا كثيرا ولا سيما مع أمره لهم بالخروج إلى المصلى (قوله قال أبو الزبير عن جابر كنت في الصف الثاني) وصله النسائي من طريق شعبة عن أبي الزبير بلفظ كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي صلى الله عليه و سلم على النجاشي و وهم من نسب وصل هذا التعليق لرواية مسلم فإنه أخرجه من طريق أيوب عن أبي الزبير و ليس فيه مقصود التعليق و في الحديث دلالة على أن للصفوف على الجنازة تأثيرا و لو كان الجمع كثيرا لأن الظاهر أن الذين خرجوا معه صلى الله عليه و سلم كانوا عددا كثيرا و كان المصلى فضاء ولا يضيق بهم لو صفوا فيه صفا واحدا و مع ذلك فقد صفهم و هذا هو الذي فهمه مالك بن هبيرة الصحابي المقدم ذكره فكان يصف من يحضر الصلاة على الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلوا أو كثروا و يبقى النظر فيما إذا تعددت الصفوف و العدد قليل أو كان الصف واحدا و العدد كثير أيهما أفضل و في قصة النجاشي علم من أعلام النبوة لأنه صلى الله عليه و سلم أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه مع بعد ما بين أرض الحبشة و المدينة و استدل به على منع الصلاة على الميت في المسجد و هو قول الحنفية و المالكية لكن قال أبو يوسف أن أعد مسجد للصلاة على الموتى لم يكن في الصلاة فيه عليهم بأس قال النووي ولا حجة فيه لأن الممتنع عند الحنفية إدخال الميت المسجد لا مجرد الصلاة عليه حتى لو كان الميت خارج المسجد جازت الصلاة عليه لمن هو داخله و قال ابن بزيزة و غيره استدل به بعض المالكية و هو باطل لأنه ليس فيه صيغة نهي و لاحتمال أن يكون خرج بهم إلى المصلى لأمر غير المعنى المذكور و قد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد فكيف يترك هذا الصريح لأمر محتمل بل الظاهر أنه إنما خرج بالمسلمين إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه و لإشاعة
(١٥٠)