ابن عباس كان أوفق له من الجلوس بجنب ابن عمر أو أختار أن لا يقيم ابن أبي مليكة من مكانه و يجلس فيه للنهي عن ذلك (قوله فلما أصيب عمر) يعني بالقتل و أفاد أيوب في روايته أن ذلك كان عقب الحجة المذكورة و لفظه فلما قدمنا لم يلبث عمر أن أصيب و في رواية عمرو بن دينار لم يلبث أن طعن (قوله قال ابن عباس فلما مات عمر) هذا صريح في أن حديث عائشة من رواية ابن عباس عنها و رواية مسلم توهم أنه من رواية ابن أبي مليكة عنها و القصة كانت بعد موت عائشة لقوله فيها فجاء ابن عباس يقوده قائده فإنه إنما عمي في أواخر عمره و يؤيد كون ابن أبي مليكة لم يحمله عنها أن عند مسلم في أواخر القصة قال ابن أبي مليكة و حدثني القاسم بن محمد قال لما بلغ عائشة قول ابن عمر قالت إنكم لتحدثونني عن غير كاذبين و لا مكذبين و لكن السمع يخطئ و هذا يدل على أن ابن عمر كان قد حدث به مرارا و سيأتي في الحديث الذي بعده أنه حديث بذلك أيضا لما مات رافع ابن خديج (قوله و لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم) بسكون نون لكن و يجوز تشديدها (قوله حسبكم) بسكون السين المهملة أي كافيكم القرآن أي في تأييد ما ذهبت إليه من رد الخبر (قوله قال ابن عباس عند ذلك) أي عند انتهاء حديثه عن عائشة و الله هو أضحك و أبكى أي أن العبرة لا يملكها ابن آدم و لا تسبب له فيها فكيف يعاقب عليها فضلا عن الميت و قال الداودي معناه أن الله تعالى إذن في الجميل من البكاء فلا يعذب على ما إذن فيه و قال الطيبي غرضه تقرير قول عائشة أي أن بكاء الإنسان و ضحكه من الله يظهره فيه فلا أثر له في ذلك (قوله ما قال ابن عمر شيئا) قال الطيبي و غيره ظهرت لابن عمر الحجة فسكت مذعنا و قال الزين بن المنير سكوته لا يدل على الإذعان فلعله كره المجادلة في ذلك المقام و قال القرطبي ليس سكوته لشك طرأ له بعد ما صرح برفع الحديث و لكن احتمل عنده أن يكون الحديث قابلا للتأويل و لم يتعين له محمل يحمله عليه إذ ذاك أو كان المجلس لا يقبل المماراة و لم تتعين الحاجة إلى ذلك حينئذ و يحتمل أن يكون ابن عمر فهم من استشهاد ابن عباس بالآية قبول روايته لأنها يمكن أن يتمسك بها في أن لله أن يعذب بلا ذنب فيكون بكاء الحي علامة لذلك أشار إلى ذلك الكرماني * الحديث الرابع (قوله عن عبد الله بن أبي بكر) أي ابن محمد بن عمرو بن حزم (قوله إنما مر) كذا أخرجه من طريق مالك مختصرا و هو في الموطأ بلفظ ذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول أن الميت يعذب ببكاء الحي عليه فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما أنه لم يكذب و لكنه نسي أو أخطأ إنما مر و كذا أخرجه مسلم و أخرجه أبو عوانة من رواية سفيان عن عبد الله بن أبي بكر كذلك و زاد أن ابن عمر لما مات رافع قال لهم لا تبكوا عليه فإن بكاء الحي على الميت عذاب على الميت قالت عمرة فسألت عائشة عن ذلك فقالت يرحمه الله إنما مر فذكر الحديث و رافع المذكور هو رافع بن خديج كما تقدمت الإشارة إليه في الحديث الأول * الحديث الخامس (قوله عن أبي بردة) هو ابن أبي موسى الأشعري (قوله لما أصيب عمر جعل صهيب يقول و أخاه) أخرجه مسلم من طريق عبد الملك ابن عمير عن أبي بردة أتم من هذا السياق و فيه قول عمر علام تبكي (قوله أن الميت ليعذب ببكاء الحي) الظاهر أن الحي من يقابل الميت و يحتمل أن يكون المراد به القبيلة و تكون اللام فيه بدل الضمير و التقدير يعذب ببكاء حيه أي قبيلته فيوافق قوله في الرواية الأخرى ببكاء أهله و في رواية مسلم المذكورة من يبكي عليه يعذب و لفظها أعم و فيه دلالة على أن الحكم ليس خاصا
(١٢٨)