تقدموه قبل عصره وكان الواجب على طرد هذه العلة أن يكون كل أمة أفضل من التي تأتي بعدها فلما أوجبوا آخر الأمم أفضل ممن تقدمهم وآخر الأنبياء أفضل ممن تقدمه كان لا معنى لهذا الخبر في تفضيل القرن الأول على القرن الثاني من هذه الأمة، بل يجب في النظر والتميز وما يلزم من أحوال ما نقل إلينا من سيرة من تقدم عصرنا هذا أن يكون من تأخر أفضل ممن تقدم منهم وذلك أنا وجدنا القرن الذي كان في عصر الرسول والقرن الذي كان بعده والقرن الثالث ممن كان في في عصر الفراعنة والطواغيت من ملوك بني أمية الذين كانوا يقتلون أهل بيت الرسول، ويسبون أمير المؤمنين عليه السلام ويلعنونه على المنابر، وأهل عصرهم من فقهائهم وحكامهم إلى غير ذلك منهم فهم على ذلك متبعون وبأفعالهم مقتدون وبإمامتهم قائلون ولهم على ذلك معينون بوجوه المعونة من حامل سلاح إلى حاكم إلى خطيب إلى تاجر إلى غير ذلك من صنوف الأمة وأسباب المعونة ولسنا نجد في عصرنا هذا من كثر من ذلك شيئا بل نجد الغالب على أهل عصرنا هذا الرغبة عن ذلك والذم لفاعله والتنزه عن كثير منه إلا من لا يظهر بمذهبه بينهم فيجب أن يكونوا في حق النظر أفضل من أهل ذلك العصر الذي كانت هذه صفتهم قال: فإن قالوا أن أهل عصر الرسول لأجل مشاهدتهم له ومجاهدتهم معه أفضل وكذلك سبيل من شاهدهم من بعد الرسول من التابعين ونقلوا إلينا العلوم والأخبار عنهم ومنهم قيل لهم أليس كل من تقدم خلقته في ذلك العصر فهو فعل الله فلا حمد للمتقدم في تقدم خلقه ولا صنع له في ذلك ولا فعل يحمد إليه ولا يذم منه فلا بد من نعم فيقال لهم أفتقولون إن الله تعالى يحمد العباد على أفعاله ويذمهم عليها؟ فإن قالوا ذلك جهلوا
(٢١)