أقول: فيه نظر من وجوه أما أولا فلأنه يتوجه على جوابه عن الأول أن الخبر الذي رواه أبو بكر في ذلك أولى بأن يكون محل الخلاف لأنه متهم في روايته بعداوته لأهل البيت عليهم السلام وجر النفع لنفسه لما روى الشيخ جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء من أن فدكا كان بعد ذلك حبوة أبي بكر وعمر ثم اقتطعها مروان وأن عمر بن عبد العزيز قد رد فدكا إلى بني هاشم وروي أنه ردها إلى أولاد فاطمة رضي الله عنها انتهى وفى هذا دلالة على اتهام أبي بكر عند عمر بن عبد العزيز أيضا كما وقع التصريح به في الروايات الأخر على أن تخصيص الكتاب بغير الحديث المتواتر والمشهور مما خالف فيه جمع كثير فمنهم أبو حنيفة كما ذكر في شروح منهاج البيضاوي وأيضا المنصف المتأمل يجزم بأنه لا وجه لأن يكون مثل هذا الخبر موجودا ولم يسمعه غير أبي بكر حتى نساء النبي صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة عليهما السلام مع أنهم كانوا مداومين في ملازمة النبي ص وبالجملة كيف يبين رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الحكم بغير ذريته ويخفيه عمن يرثه ولا يوصي إليهم بذلك حتى يقعوا في ادعاء الباطل والتماس الحرام على أنه صلوات الله وسلامه عليه كان مأمورا خصوصا في محكم الكتاب بإنذار عشيرته الأقربين وقد أخرج في جامع الأصول حديث شهر بن حوشب عن الترمذي وأبي داود " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله تعالى ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فيجب لهما النار " فأي ضرر أعظم من أن يكون النبي صلى الله عليه وآله كتم ذلك عن وصيه وورثته وأودعه أجنبيا لا فائدة له فيه ظاهرا وحاشاه من ذلك إذ هو رحيم رؤوف بالأباعد،. فضلا عن الأقارب. لا يقال كفى تعريفا وإعلاما بذلك الخبر الذي ذكره
(١٤٢)