هذا مسلم عند الشيعة ثم لا يخفى ما في عبارته من البعد عن كلام المحصلين فإنه ذكر أولا الخلاف في موضع دفن النبي صلى الله عليه وآله ثم الخلاف في ميراثه صلوات الله وسلامه عليه وآله ثم قال متصلا بهذا: قال بعضهم وهذا أول اختلاف وقع بين الصحابة فقال بعضهم ندفنه بمكة إلى آخره وأما ما ذكره من خبر نزول جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله بأمر الله تعالى له أن يستشير أبا بكر ففيه أنه على فرض صحته فإنما كان لتأليف قلبه وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله إنما كان يعمل بالوحي الإلهي كما نطق به القرآن الكريم وكان غنيا عن مشاورتهم وتعليمهم كما لا يخفى على من عرف علو شأن النبي صلى الله عليه وآله كما هو حقه لكن أهل السنة حيث جعلوا النبي صلى الله عليه وآله مع أبي بكر الجاهل كفرسي رهان فقد حرموا عن حق معرفته وقد يقال إنما كان يستشير أصحابه ليستخرج بذلك دخائلهم وضمائرهم ويطلع على حسن نياتهم وفسادها فلا فضل في هذه المشاورة وعلى هذا فقس سائر موضوعاته.
50 - قال: لا يقال بل (علي عليه السلام) أعلم منه للخبر الآتي في فضائله " أنا مدينة العلم وعلي بابها " لأنا نقول سيأتي أن ذلك الحديث مطعون فيه وعلى تسليم صحته أو حسنه فأبو بكر محرابها ورواية " من أراد العلم فليأت الباب " لا تقتضي الأعلمية فقد يكون غير الأعلم يقصد لما عنده من زيادة الايضاح والتفرغ للناس بخلاف الأعلم على أن تلك الرواية معارضة بخبر الفردوس " أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها " فهذه صريحة في أن أبا بكر أعلمهم وحينئذ فالأمر بقصد الباب إنما هو لنحو ما قلناه لا لزيادة شرفه على ما قبله لما هو معلوم ضرورة أن كلا من الأساس والحيطان والسقف أعلى من الباب وشذ بعضهم فأجاب بأن معنى " وعلي