على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهو الذي يلزم سواء التزمه المرء أو لم يلتزمه وبالله تعالى نتأيد * ومن العجائب أن الملزمين الوفاء بالجعل يقولون: انه لا يلزم المجعول له أن يفعل ما جعل له فيه ذلك الجعل وهم بزعمهم أصحاب أصول يردون إليها فروعهم ففي أي الأصول وجدوا عقدا متفقا عليه أو منصوصا عليه بين اثنين يلزم أحدهما ولا يلزم الآخر؟
وقال مالك: ما جاء بالآبق فإن كان ممن يعرف بطلب الإباق انه يجعل له على قدر قرب الموضع وبعده فإن لم يكن ذلك شأنه ولا عمله فلا جعل له لكن يعطى ما اتفق عليه فقط، وقال أبو حنيفة لا يجب الجعل في شئ الا في رد الآبق فقط العبد. والأمة سواء فمن رد آبقا أو آبقة من مسيرة ثلاث ليال فصاعدا فله على كل رأس أربعون درهما فان رد هما من أقل من ثلاث رضخ له ولا يبلغ بذلك أربعين درهما فان جاء بأحد هما من مسيرة ثلاث ليال فصاعدا وهو يساوى أربعين درهما فأقل نقص من قيمته درهم واحد فقط، ثم رجع أبو يوسف: ومحمد بن الحسن عن هذا القول فقال محمد: ينقص من قيمته عشرة دراهم، وقال أبو يوسف: له أربعون درهما ولو لم يساو الا درهما واحدا * قال أبو محمد: أما قول مالك فخطأ لا برهان على صحته أصلا لأنه تفريق بين ما لا فرق بينه بلا برهان لا من قرآن. ولا من سنة. ولا من رواية سقيمة. ولا من قول صاحب.
ولا قياس. ولا رأى له وجه، وما نعلم هذا القول عن أحد قبله، ويلزم عليه ان من كان بناء فمر على حائط مائل فأصلحه وبناه أن له أجرة عليه فإن لم يكن بناء وبناه فلا أجرة (1) له، وكذلك من نسج غزلا لآخر لم يأمره به فإن كان نساجا فله الأجرة وان لم يكن نساجا فلا أجرة له والباب يتسع ههنا جدا، فاما أن يتزيدوا من التحكم في أموال الناس بالباطل واما أن يتناقضوا لابد من أحدهما، وأما قول أبي حنيفة وأصحابه ففي غاية الفساد والتخليط لأنهم حدوا حدا لم يأت به قط قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول صاحب. ولا تابع. ولا أحد نعلمه قبلهم. ولا قياس. ولا رأى يعقل، ثم فيه من التخاذل، ما لا يخفى على ذي مسكة عقل وهم قد قالوا: من قتل جارية تساوى مائة ألف درهم فصاعدا أو أقل إلى خمسة آلاف درهم لم يكن عليه الا خمسة آلاف غير خمسة دراهم، ومن قتل عبدا يساوى عشرين ألف درهم فصاعدا أو أقل إلى عشرة آلاف درهم لم يكن عليه الا عشرة آلاف درهم غير عشرة دراهم ثم سووا في جعل الآبق بين المرأة والرجل وأسقط أبو حنيفة درهما من قيمته ان لم يساو أربعين درهما فهلا أسقط من ثمن الذكر عشرة دراهم ومن ثمن الأمة خمسة دراهم كما فعل في القتل؟ أو هلا أسقط هنا لك