ما يلزمونه من العقود وبين ما لا يلزمونه، وبالبرهان على صحة ذلك الحدو ذلك الفرق وإلا فقولهم مردود لأنه دعوى بلا برهان وما كان هكذا فهو باطل قال الله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) * والعجب أن المخالفين لنا: يقولون: ان وكد كل عقد عقده بيمين لم يلزمه الوفاء به وإنما فيه الكفارة ان لم يف به فقط ثم يلزمونه إياه إذا لم يؤكده فتراهم كلما أكد العاقد عقده انحل عنه وإذا لم يؤكده لزمه وهذا معكوس وبالله تعالى التوفيق، وأما قول يوسف عليه السلام فلا يلزم لوجوه، أحدها ان شريعة من قبلنا من الأنبياء عليهم السلام لا تلزمنا قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضلت على الأنبياء بست فذكر عليه السلام منها وأرسلت إلى الناس كافة) (1) وقال عليه السلام أيضا:
(أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي) فذكر عليه السلام منها (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) (2)، روينا هذا من طريق جابر. والذي قبله من طريق أبي هريرة، فإذ قد صح هذا فلم يبعثوا الينا وإذ لم يبعثوا الينا فلا يلزمنا شرع لم نؤمر به وإنما يلزمنا الايمان بأنهم رسل الله تعالى وان ما أتوا به لازم لمن بعثوا إليه فقط، وأيضا فان المحتجين بهذه الآية أول مخالف لها لأنهم لا يلزمون من قال: لمن جاءني بكذا حمل بعير الوفاء بما قال لان هذا الحمل لا يدرى مما هو أمن لؤلؤ. أو من ذهب. أو من رماد. أو من تراب ولا أي البعران هو؟ ومن البعران الضعيف الذي لا يستقل بعشرين صاعا.
ومنهم القوى والصحيح الذي يستقل بثلاثمائة صاع، ولا أشد مجاهرة بالباطل ممن يحتج بشئ هو أول مخالف له على من لم يلتزم قط ذلك الأصل، وأيضا فحتى لو كان هذا في شريعتنا لما كان حجة علينا لأنه ليس في هذه الآية الزام القضاء بذلك وإنما فيها انه جعل ذلك الجعل فقط وليس هذا مما خالفناهم فيه فبطل تعلقهم بالآيتين جميعا (3) ولله تعالى الحمد * وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الراقي فصحيح الا أنه لا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه الا إباحة أخذ ما أعطى الجاعل على الرقية فقط، وهكذا نقول وليس فيه القضاء على الجاعل بما جعل ان أبى أن يعطيه فسقط كل ما احتجوا به وبالله تعالى التوفيق * (فان قيل) انه وعد قلنا: قد تكلمنا في الوعد والاخلاف في آخر كتاب النذور بما فيه كفاية وكلامنا ههنا فيه بيان انه ليس كل وعد يجب الوفاء به وإنما يجب الوفاء بالوعد بالواجب الذي افترضه الله تعالى فقط ولا يلزمه أحدا ما التزمه لكن ما ألزمه الله تعالى