المقدور عليه مع جنس حقه أخذ بقدره وإن كان من غير جنسه تحرى واجتهد في تقويمه مأخوذ من حديث هند ومن قول أحمد في المرتهن: ير كتب ويحلب بقدر ما ينفق والمرأة تأخذ مؤنتها وبائع السلعة يأخذها من مال المفلس بغير رضا وقال الشافعي ان لم يقدر على استخلاص حقه بسينة فله أخذ قدر حقه من جنسه أو من غير جنسه وان كانت له بينة وقدر على استخلاصه ففيه وجهان والمشهور من مذهب مالك انه ان لم يكن لغيره عليه دين فله ان يأخذ بقدر حقه وإن كان عليه دين لم يجز لأنهما يتحاصان في ماله إذا أفلس وقال أبو حنيفة له ان يأخذ بقدر حقه إن كان عينا أو ورقا أو من جنس حقه وإن كان المال عرضا لم يجز لأن أخذ العرض عن حقه اعتياض ولا تجوز المعاوضة الا برضا من المتعاوضين قال الله تعالى (الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) واحتج من أجاز الاخذ بحديث هند حين جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي فقال (حذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) متفق عليه وإذا جاز لها ان تأخذ من ماله ما يكفيها بغير اذنه جاز للرجل الذي له الحق على الرجل ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (اد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) رواه الترمذي وقال حديث حسن ومتى أخذ منه قدر حقه من ماله بغير علمه فقد خانه فيدخل في عموم الخبر وقال صلى الله عليه وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه) ولأنه ان اخذ من غير جنس حقه كان معاوضة بغير تراض وان أخذ من جنس حقه فليس له تعيين الحق بغير رضى صاحبه فإن التعيين إليه الا ترى أنه لا يجوز له ان يقول اقضني حقي من هذا الكيس دون هذا؟ ولان كل مالا يجوز له تملكه إذا لم يكن له دين لا يجوز له اخذه إذا كان له دين كما لو كان باذلا له وأما حديث هند فإن أحمد اعتذر عنه بان حقها واجب عليه في كل وقت وهذا إشارة منه إلى الفرق بالشقة في المحاكمة في كل وقت والمخاصمة كل يوم تحب فيه النفقة بخلاف الدين وفوق أبو بكر بينهما بفرق آخر وهو ان قيام الزوجية كقيام البينة فكأن الحق صار معلوما يعلم قيام مقتضيه وبينهما فرقان آخران (أحدهما) ان للمرأة من التبسط في ماله بحكم العادة ما يؤثر في إباحة اخذ الحق وبذل اليد فيه بالمعروف بخلاف الأجنبي
(٢٣٠)