وإنما هو مفوض إلى رأي الحاكم إن رأى ذلك بالجلد جلده وإن رآه بحبس أو كشف رأسه وإهانته وتوبيخه فعل ذلك ولا يزيد في جلده على عشر جلدات وقال الشافعي لا يزيد على تسع وثلاثين لئلا يبلغ به أدنى الحدود وقال ابن أبي ليلى يجلد خمسة وسبعين سوطا وهو أحد قولي أبي يوسف، وقال الأوزاعي في شاهدي الطلاق: يجلدان مائة مائة ويغرمان الصداق ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله تعالى) متفق عليه وقال القاسم وسالم يخفق سبع خفقات، وقال شريح يجلد أسواطه فأما شهرته بين الناس فإنه يوقف في سوقه إن كان من أهل السوق أو قبيلته إن كان من أهل القبائل أو في مسجد إن كان من أهل المساجد ويقول الموكل به إن الحاكم يقرأ عليكم السلام ويقول هذا شاهد زور فاعرفوه وهذا مذهب الشافعي واتي الوليد بن عبد الملك بشاهد الزور فأمر بقطع لسانه وعنده القاسم وسالم فقالا سبحان الله بحسبه أن يخفق سبع خفقات ويقام بعد العصر فيقال هذا أبو قبيس وجدناه شاهد زور ففعل ذلك به ولا يسخم وجهه ولا يركب ولا يكلف أن ينادي على نفسه وقد روي عن عمر رضي الله عنه انه يجلد أربعين جلدة ويسخم وجهه ويطال حبسه رواه الإمام أحمد، وقال سوار يلبب ويدار به على حلق المسجد فيقول من رآني فلا يشهد بزور، وروي عن عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة انه أمر بحلق نصف رؤوسهم وتسخيم وجوههم ويطاف بهم في الأسواق والذي شهدوا له معهم ولنا ان هذا مثلة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثلة وما روي عن عمر فقد روي عنه خلافه وانه حبسه يوما وخلى سبيله، وفي الجملة ليس في هذا تقدير شرعي فما فعل الحاكم مما يراه ما لم يخرج إلى مخالفة نص أو معنى نص فله ذلك ولا يفعل به شئ من ذلك حتى يحقق أنه شاهد زور وتعمد ذلك إما باقراره أو يشهد على رجل بفعل في الشام في وقت ويعلم أن المشهود عليه في ذلك الوقت في العراق أو يشهد بقتل رجل وهو حي أو ان هذه البهيمة في يد هذا منذ ثلاثة أعوام وسنها أقل من ذلك أو يشهد على رجل انه فعل شيئا في وقت وقد مات قبل ذلك الوقت أو لم يولد إلا بعده وأشباه هذا مما يتيقن به كذبه ويعلم تعمده لذلك فأما تعارض البينتين أو ظهور فسقه أو غلطه في شهادته فلا يؤدب به لأن الفسق لا يمنع الصدق والتعارض لا يعلم به كذب إحدى البينتين بعينها والغلط قد يعرض للصادق العدل ولا يتعمده فيعفى عنه، وقد قال الله تعالى (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (فصل) ومتى علم أن الشاهدين شهدا بالزور تبين ان الحكم كان باطلا ولزم نقضه لأنا تبينا كذبهما فيما شهدا به وبطلان ما حكم به فإن كان المحكوم به مالا رد إلى صاحبه، وإن كان إتلافا
(١٥٤)