والثاني: الكفالة بعين هي أمانة، ولكنها واجبة التسليم، كالعارية، والمستأجر في يد المستأجر، وكذا العين المضمونة بغيرها، كالمبيع، قبل القبض: مضمون بالثمن، وكالرهن مضمون بالدين والجواب في الكل واحد، وهو أنه تصح الكفالة بتسليم العين، فمتى هلكت العين لا يجب على الكفيل قيمة العين.
والثالث: العين المضمونة بقيمتها كالمغصوب، والمبيع بيعا فاسدا، والمقبوض على سوم الشراء تصح الكفالة بها، ويجب عليه تسليم العين ما دامت باقية، وإذا هلكت يجب عليه تسليم قيمتها متى ثبت الغصب بالبينة أو الاقرار.
ثم الكفالة بالنفس بعد الدعوى من قبيل القسم الثاني: فإنه مضمون بالتسليم، وإنه يجب عليه تسليم النفس، والحضور إلى باب القاضي، حتى يقيم الخصم البينة، فتصح الكفالة به عندنا، خلافا للشافعي، ولكن لو هلك الكفيل، لا شئ عليه من المال المدعى به حتى لا يؤخذ من تركته والمسألة معروفة.
وكذا لو كفل بنفس من عليه التعزير.
أما لو كفل بنفس من عليه حد القذف أو حد السرقة أو القصاص هل يجوز؟ ذكر أبو الحسن أن الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص جائزة في قولهم إذا بذلها المطلوب بنفسه، ولكن هل للقاضي أن يأمره بالتكفيل إذا طلب الخصم؟ قال أبو حنيفة: لا يأخذ القاضي منه كفيلا، ولكن يحبسه حتى تقام عليه البينة أو يستوفي.
ثم الكفيل بالنفس يؤخذ بإحضار المكفول عنه، ما دام إحضاره ممكنا مقدورا. فإن صار بحال لا يقدر على إحضاره بوجه من الوجوه، بأن مات بطلت الكفالة، ولا شئ على الكفيل، فأما إذا كان يرجى حضور المكفول عنه، بأن غاب فإنه يتأخر المطالبة بالاحضار عن