وعند ابن أبي ليلى: يوجب البراءة وهذا فاسد، لأنه يصير الكفالة والحوالة سواء.
وأيهما واختار مطالبته لا يبرأ الآخر بخلاف غاصب الغاصب مع الغاصب: فإن للمالك أن يضمن أيهما شاء، وإذا اختار تضمين أحدهما، لم يكن له اختيار الآخر. وكذا في إعتاق أحد الشريكين:
الشريك الساكت بالخيار بين أن يضمن المعتق إن كان موسرا، وبين أن يستسعي العبد، فإذا اختار أحدهما ليس له أن يختار الآخر.
وجملة هذا أن الكفيل ليس له أن يطالب المكفول عنه بالمال قبل أن يؤدي عنه شيئا إلا أنه إذا طولب طالب المكفول عنه بالخلاص. فإن حبس كان له أن يحبس المكفول عنه. أما إذا أدى فينظر إن كان كفل، بغير أمره فلا يرجع عندنا، خلافا لمالك، لأنه تبرع بقضاء دين غيره، وإن كفل عنه بأمره، وهو ممن يجوز إقراره على نفسه بالدين ويملك التبرع يرجع عليه لان الكفالة في حق المكفول عنه استقراض وهو طلب القرض، والكفيل بالأداء مقرض للمكفول عنه ونائب عنه في الأداء إلى المكفول له وفي حق المكفول له تمليك ما في ذمة المكفول عنه من الكفيل بما أخذه من المال، فيرجع عليه بما أقرضه حتى إن الصبي المحجور إذا أمر رجلا بأن يكفل عنه، فكفل، وأدى لا يرجع عليه، لان استقراض الصبي لا يتعلق به الضمان وأما العبد المحجور فلا يرجع عليه إلا بعد العتق لما قلنا.
ولو وهب صاحب الدين، المال لأحدهما جاز، وذلك بمنزلة أداء المال.
وكذا لو مات الطالب، فورثه أحدهما، لان بالهبة والميراث يملك ما في ذمته فإن كان الموهوب له أو الوارث هو الكفيل، فقد ملك ما في ذمته، فيرجع على الأصيل، كما لو ملك ذلك بالأداء. وإن كان الموهوب