فيه وأراد طرحه، فصالحه على دراهم فالصلح باطل، لان هذا حق لجماعة المسلمين، ولم يكن له حق معتبر حتى يكون إسقاطا لحقه.
بمثله لو كان الطريق غير نافذ، فخاصمه رجل من أهل الطريق فصالحه على دراهم مسماة فالصلح جائز لأنه مشترك بين جماعة محصورة، فيكون جزء منه ملكا لهذا الواحد، فيكون صلحا عن حقه، وفيه فائدة لاحتمال أن يصالح البقية بخلاف الأول، لأنه لا يتصور الصلح من جميع الناس.
ولو ادعى رجل على رجل مائة درهم، فأنكرها المدعى عليه، فصالح المدعي على أنه إن حلف المدعى عليه، فهو برئ، فحلف المدعى عليه ما لهذا المدعي قليل ولا كثير: فإن الصلح باطل، والمدعي على دعواه، فإن أقام بينة أخذه بها، وإن لم يكن له بينة وأراد استحلافه له ذلك وإنما بطل ذلك، لأنه إبراء معلق بالشرط، وهو فاسد، لان فيه معنى التمليك. وأما الاستحلاف فهو على وجهين إن حلف في غير مجلس القاضي: فله أن يحلفه ثانيا، لان الحلف في غير مجلس القاضي لا عبرة به، فيحلفه ثانيا. وأما إذا حلف في مجلس القاضي فلا يحلفه ثانيا، لان حق المدعي في الحلف صار مستوفي مرة، فلا يجب عليه الايفاء ثانيا.
ولو اصطلحا على أن يحلف المدعي، فمتى حلف فالدعوى لازمة للمدعى عليه فحلف المدعي على ذلك فإن الصلح باطل، ولا يلزم المدعى عليه شئ بهذا لان هذا إيجاب المال بشرط وهو فاسد.
ولو ادعى على امرأة نكاحها، فصالحها، على مائة درهم، على أن تقر له بالنكاح فهو جائز، وتكون المائة زيادة في مهرها، لان إقرارها بالنكاح محمول على الصحة.