الثاني والثلاثون: هل يكفي التغرب من دون حكم الحاكم به؟
بما أن الخطاب بالتغريب متوجه نحو الإمام، فهو وظيفته، لا وظيفة من ارتكب موجبه، وعليه فلا يجب على الزاني التغرب من دون حكم الحاكم وأمره، نعم يجب ذلك بعد حكمه، بمقتضى وجوب قبول حكم الحاكم (1) هذا، ولكن الكلام في كفاية ذلك لو غرب الزاني نفسه، فالظاهر من كلام بعض فقهائنا - أعلى الله كلمتهم - كفاية ذلك، محتجا بأن الغرض وهو الابعاد عن البلد حاصل بمجرد خروجه بنفسه، ووافقه بعض الشافعية (2). قد يقال: لو كان الغرض هو الابعاد عن تذليل واستهانة، فلم يتحقق ذلك بمجرد خروجه بنفسه. هذا: وجمهور علماء السنة على خلافه وأنه لم يكفه ذلك بل لا بد من تغريب الإمام أو نائبه (3)، ونكتفي في المقام بكلام الگلپايگاني.
آراء فقهائنا:
" ثم إنه قد يورد على ما ذكرناه: من أن الغرض الأصيل هو عدم كونه في تلك الأماكن وأن النفي والاخراج مقدمة لذلك، بأن لازم ذلك هو عدم وجوب نفيه إذا خرج هو بنفسه عقيب زناه ونحن نقول: إنا نلتزم بذلك ولا بأس به، ومن البعيد جدا أن يقال: إنه إذا خرج بنفسه يلزم أن يعاد حتى يخرجه الحاكم من البلد " (4).