شهر حيضة، يجوز له أن يطلق بعد انقضاء الشهر، ومن يعلم أنها لا تحيض إلا كل ثلاثة أشهر، أو خمسة أشهر، لم يجز له أن يطلقها إلا بعد مضي هذه المدة، فكان المراعى في جواز ذلك، مضي حيضة، وانتقالها إلى طهر لم يقربها فيه بجماع، وذلك يختلف على ما قلناه (1).
هذا آخر كلامه رحمه الله في باب طلاق الغائب في الإستبصار، ونعم ما قال وحرر، وأوضح المسألة تغمده الله برحمته، وحشره مع أئمته.
فإن قيل: إذا مضى ثلاثة أشهر بيض فلا حاجة في الاستبراء إلى أكثر منها، لأن بها تخرج من العدة، وإن كانت من ذوات الأقراء المستقيمة الحيض.
قلنا: الاستبراء غير العدة، لأن الإجماع منعقد على أن من وطأ زوجته في طهرها، فلا يجوز له أن يطلقها فيه حتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها في الطهر الذي لم يقربها فيه بجماع، فإذن تحقق ما قلناه، وإن كان أكثر من ثلاثة أشهر.
ومتى أراد الغائب أن يطلق امرأته، وراعى ما قلناه، فليطلقها تطليقة واحدة، ويكون هو أملك برجعتها ما لم تخرج من عدتها، إما بالأقراء إن كانت مستقيمة الحيض، أو بالشهور إن كانت مسترابة، وفي سنها من تحيض، وهي ثلاثة أشهر.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويكون هو أملك برجعتها ما لم يمض لها ثلاثة أشهر، وهي عدتها إذا كانت من ذوات الحيض (2).
ولا أرى لقوله هذا وجها يستند إليه، ولا دليلا يعول عليه، وكيف صارت هذه على كل حال تعتد بالأشهر الثلاثة، مع قوله تعالى: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " (3) ولا خلاف بيننا أنها إذا شهد لها شهود بالطلاق وتاريخه، وكان قد مضى لها من يوم طلقها ثلاثة قروء، فإنها تحل للأزواج.
فإذا أراد الغائب الذي طلق زوجته مراجعتها قبل خروجها من عدتها،