غير الحب، فبأي شئ ملك الجميع، أو المتولد عن العين المغصوبة، الغاصب؟
بإقرار، أو بهبة، أو ببيع، أو بإرث؟ بل هذا نفس مذهب أبي حنفية الذي يرده عليه ويناظره شيخنا أبو جعفر على فساده، إن بالتغير لا يملك الغاصب المغصوب، بل الملك باق على ربه، وتولد عنه ما تولد، ونما ما نما على ملك صاحبه، حصلت جواهر النماء، فلا يستحقها أحد سوى صاحبه.
ثم إن شيخنا أبا جعفر، ذكر في كتاب العارية في مبسوطه، ما ينقض قوله، ويرد به على نفسه، وهو أن قال: إذا كان له حبوب فحملها السيل إلى أرض رجل، فنبتت فيها، كان ذلك الزرع لصاحب الحب، لأنه عين ماله، كما قلناه فيمن غصب حبا فزرعه، أو بيضا فحضنها عنده، وفرخت، فإن الزرع والفراخ، للمغصوب منه، لأنهما عين ماله، هذا آخر كلام رحمه الله في مبسوطه (1).
فقد دخل رحمه الله في جملة من يكابر، لأنه قال هناك: من قال إن الفروخ عين البيض، والزرع هو عين الحب، مكابر، بل المعلوم خلافه، وقال هاهنا الزرع والفراخ للمغصوب منه، لأنهما عين ماله.
ورجع شيخنا رحمه الله عما اختاره من مذهب أبي حنيفة، في موضع آخر، في مسائل خلافه، في الجزء الثالث، في كتاب الدعاوي والبينات، فقال:
مسألة: إذا غصب رجل من رجل دجاجة، فباضت بيضتين، فاحتضنتهما هي، أو غيرها بنفسها، أو بفعل الغاصب، فخرج منهما فروجان، فالكل للمغصوب منه، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة إن باضت عنده بيضتين، فاحتضنت الدجاجة واحدة منهما، ولم يتعرض الغاصب لها، كان للمغصوب منه ما يخرج منها، وإن أخذ الأخرى فوضعها تحتها أو تحت غيرها، وخرج منها فروج، كان الفروج للغاصب، وعليه قيمته، دليلنا أن ما يحدث عند الغاصب عن العين المغصوبة، فهو للمغصوب منه، لأن الغاصب لا يملك بفعله شيئا ومن ادعى