ولا بأس أن يشارك المزارع غيره، ولم يكن لصاحب الأرض خلافه، وهذا جميعه حسن، ذكره في باب المزارعة، على ما قدمناه.
ثم قال: ومن آجر غير أرضا، كان للمستأجر أن يقيم في الأرض من ينوب عنه، ويقوم مقامه.
ثم قال: ومن استأجر أرضا بالنصف أو الثلث أو الربع، جاز له أن يؤجرها غيره بأكثر من ذلك وأقل.
قال محمد بن إدريس: هذا غير مستقيم، والإجارة هاهنا باطلة، لأن الأجرة تحتاج أن تكون مضمونة في ذمة المستأجر، والثلث والربع المذكور غير مضمون، وربما لم تخرج الأرض شيئا، وهذا غرر عظيم منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه.
ثم قال: وإذا استأجرها بالدراهم والدنانير، لم يجز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك، إلا أن يحدث فيها حدثا، من حفر نهر، أو كرى ساقية، وما أشبه ذلك (1).
والذي يقوى في نفسي، أنه يجوز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك الجنس الذي استأجرها به، وإن لم يحدث فيها حدثا، لأن منافعها صارت مستحقة له، يفعل فيها ما شاء، ويؤجرها لمن شاء بما شاء، لا مانع يمنع منه من كتاب ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، لأن بينهم خلافا في ذلك، وما روي في ذلك (2) أخبار آحاد تحمل على الكراهة، دون الحظر، فأما إذا اختلف الجنس فلا خلاف بينهم في جواز ذلك، من غير حظر ولا كراهة، بأكثر أو أقل، سواء أحدث فيها حدثا، أو لم يحدث، مثال ذلك أن يستأجرها بدنانير، فيؤجرها بدراهم، أو يستأجرها بخبطه في ذمته، لا مما تخرج الأرض، ويؤجرها بدنانير أو دراهم وأشباه ذلك.
ثم قال: فإن كان شرط المزارع أن يأخذ بذره قبل القسمة، كان له ذلك، وإن