والقائل بهذا، هو السيد العلوي أبو المكارم بن زهرة الحلبي رحمه الله (1) شاهدته ورأيته، وكاتبته، وكاتبني، وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ، فاعتذر رحمه الله بأعذار غير واضحة، وأبان بها أنه ثقل عليه الرد، ولعمري أن الحق ثقيل كله، ومن جملة معاذيره ومعارضاته لي في جوابه، أن المزارع مثل الغاصب للحب إذا زرعه، فإن الزكاة تجب على رب الحب دون الغاصب، وهذا من أقبح المعارضات، وأعجب التشبيهات، وإنما كانت مشورتي عليه، أن يطالع تصنيفه، وينظر في المسألة، ويغيرها قبل موته، لئلا يستدرك عليه مستدرك بعد موته، فيكون هو المستدرك على نفسه، فعلت ذلك علم الله شفقة وسترة عليه، ونصيحة له، لأن هذا خلاف مذهب أهل البيت عليهم السلام.
وشيخنا أبو جعفر، قد حقق المسألة في مواضع عدة من كتبه، وقال: الثمرة والزرع نما على ملكيهما، فيجب على كل واحد منهما الزكاة، إذا بلغ نصيبه مقدار ما يجب فيه ذلك، وإنما السيد أبو المكارم رحمه الله نظر إلى ما ذكره شيخنا من مذهب أبي حنيفة، في مبسوطه (2)، فظن أنه مذهبنا، فنقله في كتابه على غير بصيرة ولا تحقيق، وعرفته أن ذلك مذهب أبي حنيفة، ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، لما شرح أحكام المزارعة، ثم عقب بمذهبنا، وأو مات له إلى المواضع التي حققها شيخنا أبو جعفر في كتاب القراض وغيره، فما رجع، ولا غيرها في كتابه، ومات رحمه الله وهو على ما قاله، تداركه الله بالغفران، وحشره مع آبائه في الجنان وكذلك قوله في المساقاة.
وعقد المزارعة والمساقاة يشبه عقد الإجارة، من حيث كان لازما، فافتقر إلى تعيين المدة ويشبه القراض، من حيث كان سهم العامل مشاعا معلوما في المستفاد.
والمزارعة والمساقاة إذا كانت على أرض خراجية، فخراجها على المالك