بل يلزمه رد ذلك إلى مستحقه، إن عرفه بعينه، فإن لم يتعين له، حملها إلى الإمام العادل، فإن لم يتمكن، لزمه الحفظ بنفسه في حياته، وبمن يثق به في ذلك، بعد وفاته، إلى حين التمكن من المستحق، ومن أصحابنا من قال: تكون والحال هذه في الحكم كاللقطة، على ما روي في بعض الروايات (1) والأول أحوط.
وإن كانت الوديعة من حلال وحرام لا يتميز أحدهما من الآخر، لزم رد جميعها إلى المودع متى طلبها، بدليل إجماع أصحابنا.
ومتى ادعى صاحب الوديعة تفريطا، فعليه البينة، فإن فقدت فالقول قول المودع - لأنه أمين - مع يمينه.
فإذا ثبت التفريط، واختلفا في قيمة الوديعة، ولا بينة فالقول قول المودع الأمين - لأنه المدعى عليه - مع يمينه.
ومن أصحابنا من قال: القول قول صاحبها مع يمينه (2)، وهذا مخالف لأصول المذهب، وما عليه الإجماع، والمتواتر من الأخبار، لأن القول بذلك، يؤدي إلى أن القول قول المدعي، وعلى الجاحد البينة، وهذا خلاف ما عليه كافة المسلمين، وأيضا الأصل براءة ذمة الجاحد، فمن شغلها بزيادة على ما يقول ويقر فعليه الدلالة، ولأنه أيضا غارم، والغارم يكون القول قوله مع يمينه، بلا خلاف، وما ذكره شيخنا في نهايته (3) خبر واحد، لا يرجع بمثله عن الأدلة القاهرة، ولا يخص بمثله العموم.
وإذا طلبها صاحبها من المستودع، وهو متمكن من ردها، وليس عليه في ذلك ولا على غيره ضرر، لا يمكن تلافيه من الخوف على النفس وعلى المال، وجب عليه ردها، سواء كان المودع كافرا، أو مسلما، أو مؤمنا، أو فاسقا، وعلى كل حال.